للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام، قال "عبد ياليل" وهو لسانهم الناطق باسمهم: "أرأيت الزنى! فإنا قوم عُزَّاب لا بد لنا منه، ولا يصبر أحدنا على العُزبة قال: "هو مما حرم الله قال: أرأيت الربا! قال: "الربا حرام! " قال: فإن أموالنا كلها ربا! قال: "لكم رءوس أموالكم", قال: أفرأيت الخمر! فإنها عصير أعنابنا ولا بد لنا منها! قال: "فإن الله حرمها! "١.

وكانت ثقيف قد صالحت النبي "على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا، فهو موضوع, فلما كان الفتح استعمل عتاب بن أسيد على مكة. وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة, وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية, فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير. فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم، فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام، ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد. فكتب عتاب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... } إلى: { ... وَلا تُظْلَمُونَ} . فكتب بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عتاب, وقال: "إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب" ٢. وذكر أن "بني عمرو بن عوف"، الذين كانوا يأخذون الربا من "بني المغيرة"، هم: "مسعود وعبد ياليل وحبيب وربيعة بنو عمرو بن عمير. وهم كبار الملاكين والأثرياء في ثقيف"٣.

وأسقط النبي عن أهل نجران كل ربا كان عليهم في الجاهلية، إلا رءوس أموالهم فإنهم يردونها وأسقط عنهم كل دم كانوا يُطلَبون به٤.

وق كان إرغام ثقيف وغيرهم من الذين كانوا يتاجرون بالربا على ترك الربا، والاكتفاء بأخذ رءوس أموالهم إن كان لهم ربا في الجاهلية، خسارة كبيرة لهم، أرغموا عليها إرغامًا، لتحريم القرآن له, وإحلال "القرضة الحسنة" محله. والقرض الحسن، هو إقراض المال للمحتاج إليه من غير اشتراط زيادة عليه حين إعادته، أي: من غير ربا لذلك المال.


١ الطبري "٣/ ٤٩٢".
٢ تفسير الطبري "٣/ ٧١"، البلدان "٦/ ١٠ وما بعدها".
٣ تفسير الطبري "٣/ ٧١".
٤ اللسان "١٤/ ٣٠٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>