للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واضطر من كان له فضل ربا من ربا الجاهلية وهو في الإسلام, على تركه والتنازل عنه, وعلى أخذ خالص ماله فقط الذي أقرضه للمدين من غير أي ربح. وفرض الإسلام على هؤلاء الدائنين أيضًا وجوب التساهل مع المدينين وتأجيل الدفع إن كان المدين في عسر وضيق حال, حتى يتحسن حاله فيتمكن من الدفع١.

وقد ذكر الفقهاء أن الربا ربوان: فالحرام كل قرض يؤخذ به أكثر منه أو تجرّ به منفعة فحرام، والذي ليس بحرام أن يهبه الإنسان يستدعي به ما هو أكثر أو يهدي الهدية ليهدى له ما هو أكثر منها٢. وقد دعا بعض العلماء الربا الأول بـ"ربا البيع", وقال عنه: إنه هو الربا المحرم٣.

وأول إشارة وردت في القرآن الكريم إلى الربا، هي الإشارة الواردة في سورة الروم: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} ٤, وسورة الروم من السورة المكية. أما المواضع الأخرى التي أشير فيها إلى الربا ففي سورة البقرة٥, وسورة آل عمران٦, وسورة النساء٧، وهي من السور المدنية. ويظهر من دراسة هذه المواضع أن حرمة الربا إنما نزلت في المدينة، أما في مكة فلم يكن قد حرّم، وإنما حث الأغنياء على قرض المال للمحتاج إليه لوجه الله، مساعدة له، ويكون ثوابه عند الله.

وفي سورة "المزمل"، وهي من السور المكية وتعد السورة الثالثة في ترتيب سور القرآن: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} ٨، وفي سورة التغابن: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} ٩.


١ تفسير الطبري "٣/ ٧٢، ٧٤ وما بعدها".
٢ القرطبي "١٤/ ٣٠٥" "صادر"، تفسير الطبري "٢١/ ٣٠ وما بعدها"، تفسير القرطبي "١٤/ ٣٦".
٣ تفسير ابن كثير "٣/ ٤٣٤".
٤ سورة الروم، الآية ٣٩.
٥ البقرة، الآية ٢٧٥ فما بعدها.
٦ آل عمران، الآية ١٣٠.
٧ النساء, الآية ١٦١.
٨ المزمل، الرقم ٧٣، الآية ٢٠.
٩ التغابن، الرقم ٦٤، الآية ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>