للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرابي بماله, ولإخوته ربا عند "بني المغيرة بن عبد الله"، فلما أسلموا طالبوهم، فقالوا: ما نعطي الربا في الإسلام، واختصموا إلى "عتاب بن أسيد"، فكتب به إلى النبي، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ١.

ولا توجد لدينا قوائم بمقدار ما كان يملكه الأغنياء في الجاهلية من مال، وأقصد بالمال هنا: النقود من دنانير ودراهم؛ لعدم وصول موارد مدونة فيها مثل هذه القوائم، إلا أن الموارد الإسلامية قد تطرقت إلى ذكر ما قدمه بعض من أسلم من النقود في سبيل الله، وبعض ما قدمه المشركون من أجل الدفاع عن مصالحهم، كما أشارت إلى أمور أخرى وردت فيها أعداد وأرقام، قد ترسم لنا صورة عن أموال بعض الأغنياء عند ظهور الإسلام. فقد ورد في كتب السير والتواريخ مثلًا أن الرسول استسلف من "عبد الله بن أبي ربيعة" أربعين ألف درهم، فأعطاه, واستقرض من "صفوان بن أمية" خمسين ألف درهم فأقرضه, واستقرض من "حويطب بن عبد العُزى" أربعين ألف درهم, فكانت ثلاثة ومائة ألف قسمها بين أهل الضعف، فأصاب الرجل خمسين درهمًا وأقل وأكثر، وبعث من ذلك إلى بني جذيمة٢.

وورد أن "المطلب بن أبي وداعة"، فدى أباه يوم بدر بأربعة آلاف درهم٣, وهو مبلغ يمكن أن يتحدث عما كان لدى آل "أبي وداعة" من مال.

واستعان الأغنياء بخزنة يخزنون لهم أموالهم، ويكتبون لهم حساباتهم، فكان لـ"طلحة بن عبيد الله" خازن يحفظ له ماله، ويشرف على أملاكه ونخله وزروعه٤, والخازن، هو الذي يحافظ على المال وخزنه، والخزانة مكان الخزن٥. وقد كانت الخزائن معروفة عند الجاهليين، وقد أشير إليها في مواضع من القرآن الكريم٦, وكان "بلال المؤذن" خازنًا لأبي بكر، ثم صار خازنًا للرسول،


١ الإصابة "٣/ ٣٩٢"، "رقم ٧٩٥٨".
٢ إمتاع الأسماع "١/ ٣٩٥".
٣ كتاب نسب قريش "٤٠٦".
٤ إرشاد الساري "٤/ ٧٩".
٥ تاج العروس "٩/ ١٩١".
٦ غافر، الآية ٤٩، الزمر، الآية ٧١، ٧٣، الملك، الآية ٨، الأنعام، الآية ٥٠، هود، الآية ٢١، الإسراء، الآية ١٠٠، يوسف، الآية ٥٥، ص، الآية ٩، الطور، الآية ٣٧، المنافقون، الآية ٧، الحجر، الآية ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>