للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما أعتقه "أبو بكر"، يقوم بحفظ ما يأتي إلى الرسول من بيت المال، ويعطي منه من يأمره بإعطائه منه١.

واتخذوا لهم محاسبين يحسبون لهم حسابهم. وتجار لهم قوافل ولهم شركات مساهمة، يساهم فيها كل من أراد من أهل مكة، كان لا بد لهم من استخدام المحاسبين؛ لحساب رءوس أموالهم ومصاريفهم وتقدير أرباحهم وخسائرهم. وقد "استعمل الرسول رجلًا من الأسد على صدقات "بني سليم"، يدعى "ابن اللتيبة"، فلما جاء حاسبه، فقد صح أن رسول الله حاسب. وبكتاب الحساب تحفظ الأموال"٢. وقد ذكر أهل الأخبار أسماء رجال آخرين عيَّنهم الرسول لأخذ صدقات المسلمين ومحاسبتهم عليها.

وقد استغل أهل مكة "الطائف"، فكانت لقريش أموال بها يأتونها من مكة فيصلحونها، فلما فتحت مكة وأسلم أهلها طمعت ثقيف فيها، حتى إذا فتحت الطائف أقرت في أيدي المكيين, وصارت الطائف مخلافًا من مخاليف مكة. وممن كان له مال بالطائف "العباس بن عبد المطلب"، كانت له بها أرض, بها كروم، فكان الزبيب يحمل منها فينبذ في السقاية للحجاج٣.

والتجارة من أهم موارد الثراء عند الجاهليين، وقد كان أكثر أغنياء مكة تجارًا. وأهم ما يمتاز به ثراء التاجر عن ثراء غيره من الأغنياء، هو أن ثراءه ثراء نقود، وتعامله بالدنانير والدراهم في الغالب، وأن ما يبيعه ويشتريه هو من منتوج ومحصول غيره، فهو وسيط، يكسب ربحه من البيع والشراء، أي: من فرق السعر الذي يكون بين سعر شرائه وسعر بيعه، وقد يخسر بالطبع. أما ثراء الأغنياء المزارعين، فمن بيع حاصلهم، ويزيد كسبهم كلما ارتفع سعر البيع، فتزيد به ثروتهم وتتوسع أرضهم. وأما ثراء سادة القبائل، فمن المال أي: الإبل، ومن الجباية والتعامل مع التجار, ومن الجهود الشخصية التي يبذلونها في الحصول على المال، مثل حفر الآبار واستنباط الماء في الأرض الموات وغير ذلك.

ومن وسائل الثراء العثور على "الرِّكاز"٤، دفين أهل الجاهلية، أي: الكنز


١ الاستيعاب "١/ ١٤٥ وما بعدها"، "حاشية على الإصابة"، الإصابة "١/ ١٦٩"، "رقم ٧٣٦".
٢ نهاية الأرب "٨/ ١٩٢".
٣ البلاذري، فتوح "٦٨".
٤ الركاز ككتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>