للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلي، والمال العادي يوجد مدفونًا. و"الركزة" واحدة الركاز: القطعة من جواهر الأرض المركوزة فيها، وقطع عظام مثل الجلاميد من الذهب والفضة تخرج من الأرض أو من المعدن, وأدخل بعض العلماء المعادن في الركاز. وخصص أهل الحجاز الركاز بالمال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإسلام، وأما المعادن فليست بركاز١. وعرف الركاز بـ"السيوب", وذكر أن السيوب المعادن، وذكر أنها عروق من الذهب والفضة تسيب في المعدن، أي: تتكون فيه وتظهر، سميت سيوبًا لانسيابها في الأرض, وذكر أنها المال المدفون في الجاهلية أو المعدن. وقد وردت اللفظة في كتاب الرسول لـ"وائل ابن حجر", إذ ورد: "وفي السيوب الخمس"٢.

وقد اعتبر الجاهليون "الركاز" مالًا يأخذه من يعثر عليه، ونصيبًا حلالًا حكمه حكم اللقطة التي لا صاحب لها، أما الإسلام، فقد فرض الخُمس في الركاز, وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه. فما استخرج من الركاز، فلمستخرجه أربعة أخماس ولبيت المال الخمس٣.

ونجد السور المكية الأولى من سور القرآن، تصور أغنياء قريش أناسًا متغطرسين غلاظ الأكباد يرون أنفسهم فوق الناس؛ لغناهم ولمكانتهم بسبب ذلك في قولهم، وكان ضعف حال الرسول بالنسبة لهم، وصغر سنه من أهم العوامل التي دفعت أولئك السادة إلى مقاومته ومقاومة ما جاء به، خاصة في دعوته إنصاف الفقير وإخراج حق الله المكتوب للفقراء من أموالهم صدقة وزكاة، تزكية لأموالهم، وإسعافًا لفقرائهم. قال أبو لهب للرسول: "ماذا أعطى يا محمد إن آمنت بك؟ قال: "كما يعطى المسلمون! " فقال: ما لي عليهم من فضل! قال: "وأي شيء تبتغي؟ " قال: تبًّا لهذا من دين، تبًّا أن أكون أنا وهؤلاء سواء"٤.

ويصورهم القرآن الكريم قومًا ألهاهم التكاثر والتفاخر، تفاخروا بأموالهم وبوجاهتهم في قومهم، بل تفاخروا حتى بمن توفي منهم من سادتهم٥. لا يرحمون


١ تاج العروس "٤/ ٣٩"، "ركز".
٢ تاج العروس "١/ ٣٠٥"، "سيب".
٣ تاج العروس "٤/ ٣٩"، "ركز".
٤ تفسير الطبري "٣٠/ ٢١٧".
٥ سورة التكاثر، الرقم ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>