للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "أهل القرى"، فهم المستوطنون الذين أغراهم عثورهم على الماء, على السكن حوله وعلى الاشتغال بالزراعة، كما استقروا حول مواضع المعادن وفي المستوطنات القديمة التي نسبت إلى "طسم وجديس". فهم طبقة خاصة من أهل اليمامة، وهم حضر اليمامة، وأصحاب العمل والثراء ولهم العبيد لحاجتهم إليهم. أما الطبقة الثانية، فأهل البادية, ممن سكن بيوت الوبر، ولم يقم في بيوت من طين, ولم يفلح ولم يزرع، بل كان رزقه على الإبل.

وكان لأهل القرى حصونهم، يحتمون بها من الأعراب ومن كل من يريد بهم سوءًا، ولهم مخازنهم يخزنون بها طعامهم، ولهم آبارهم في داخل قراهم وحصونهم، فإذا حُوصِروا كان لديهم الماء، فلا يحتاجون إلى مصالحة المحاصر لهم لعطشهم ولعدم وجود الماء عندهم، وتكون حصونهم عند الحصار قد امتلأت بهم، وقد أغلقوا أبوابها، وقد احتلوا أبراجهم وسطوحها لرمي المحاصر بالسهام وبالماء الحارّ وبالحجارة، وحولها خنادق تمنع العدو من الدنو من حائط الحصن، وقد رفعوا جانب الخندق المقابل للحصن حتى يصعب على من يريد تسلقه وتسوره الوصول إلى الحصن. وبعض هذه الحصون عالية سميكة الجدران، ذكر "الهمداني" أن جدر "الهيصمية"، وهي لبني "صُهيب" من "بني قشير", يركض عليها أربعة من الخيل، وكان من الصعب أن ينال رأسها السهم. وذكر عن "القصر العادي" بالأثل، أنه قصر منيف من عهد "طسم" و"جديس"، أُقيم على حصن من طين ثلاثين ذراعًا دكّة، ثم بني الحصن. ووصف حصونًا كثيرة بعضها من حصون ما قبل الإسلام، بنيت لحماية أهلها من الغارات١.

و"القصب" دون الحصون، ذكرها "الهمداني" بقوله: "وبالمذارع وغيرها قصب دون الحصون لطاف, تسمى الثنية"٢. والقصبة: القصر أو جوفه، يقال: كنت في قصبة البلد والقصر والحصن، أي: جوفه. والقصب من البلد: المدينة والقرية٣.

وورد في خبر مصالحة "خالد بن الوليد" "بني حنيفة"، أنه صالحهم


١ الصفة "١٥٩ وما بعدها".
٢ الصفة "١٥٩".
٣ تاج العروس "١/ ١٣١"، "قصب".

<<  <  ج: ص:  >  >>