للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشترتها وأعتقتها. فقال النبي: "الولاء لمن أعتق, وإن اشترطوا مائة شرط" ١.

وقد وجد الرقيق في كل مكان من جزيرة العرب، لا سيما في المستوطنات الزراعية والقرى ومواضع التجار والتعدين؛ لحاجة هذه المواضع إلى الأيدي العاملة وإلى من يدافع عنها، حتى إنهم كانوا يقذفون بعبيدهم في الحروب للدفاع عنهم. ولما أراد "مجاعة" مصالحة "خالد بن الوليد" على "الصفراء والبيضاء ونصف السبي والحلقة والكراع وحائط من كل قرية ومزرعة"، قال "سلمة بن عمير الحنفي": "لا والله لا نقبل، نبعث إلى أهل القرى والعبيد فنقاتل ولا نقاضي خالدًا، فإن الحصون حصينة والطعام كثير، والشتاء قد حضر"٢, فجعل "سلمة بن عمير" أهل القرى والعبيد في جملة من يتكل عليهم في قتال "خالد". ولما كان القتال بين "خالد" وبين "مسيلمة" واستحرَّ القتل، "قال أهل القرى: نحن أعلم بقتال أهل القرى يا معشر أهل البادية منكم. فقال لهم أهل البادية: إن أهل القرى لا يحسنون القتال، ولا يدرون ما الحرب! فسترون إذا امتزنا من أين يجيء الخلل! فامتازوا"٣. ونجد في رواية أخرى أن "خالدًا" صالح "مجاعة" على "الصفراء والبيضاء والحلقة وكل حائط رضانا في كل ناحية ونصف المملوكين"٤, بدلا من جملة: "ونصف السبي" التي ترد في روايات أخرى, والمملوك العبد ومن دخل في الرق. وهذا مما يدل على وجود عدد كبير من العبيد في اليمامة في ذلك العهد؛ لحاجة أهل اليمامة وهم أهل زرع في الغالب إليهم، لتشغيلهم في الأعمال الزراعية وفي التعدين والحرف.

ونجد إشارة إلى الموالي في بعض كتب الرسول إلى سادات القبائل. فلما كتب الرسول عهده لقيس بن سلمة الجعفي، جاء فيه: "كتابٌ من محمد رسول الله لقيس بن سلمة بن شراحيل: إني استعملتك على مران ومواليها، وحريم ومواليها, والكلاب ومواليها"٥, وفي النص على ذكر الموالي في هذا العهد دلالة على أنهم كانوا يكوّنون طبقة ظاهرة في "جعفى".


١ إرشاد الساري "٤/ ٤٣٩".
٢ الطبري "٣/ ٢٩٨"، "ذكر بقية خبر مسيلمة الكذاب وقومه من أهل اليمامة".
٣ الطبري "٣/ ٢٩٢".
٤ الطبري "٣/ ٢٩٩".
٥ ابن سعد، الطبقات "١/ ٣٢٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>