للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في إمكان الأسرى فك أسرهم بـ"الفداء". أما من لم يتمكن من دفع الفدية منهم، فيعد بحسب القانون ملكًا لآسره أو للدولة بحسب القوانين النافذة، فيجوز في هذه الحالة امتلاك الأسير وتشغيله في الأعمال التي يكلفه إياها سيده، ويجوز له إطلاق حريته وعده حرًّا معتق الرقبة وبيعه في أسواق النخاسة. وقد كان تجار العبيد يفدون إلى هذه الأسواق؛ ليبتاعوا منها العبيد الذين يحتاجون إليهم, ويأخذونهم معهم إلى بلادهم، ليبيعوهم مرة ثانية في أسواق النخاسة لمن هو في حاجة إليهم.

والحروب مورد من موارد الرزق للمحاربين الشجعان الذين يتمكنون من أسر من يبرز لهم، والأسر خير للآسر من محارب يقتله، فقتله لا يفيده من الناحية المادية شيئا، سوى ما قد يقع في يديه من أسلابه. أما أسره، فإنه يفيده فائدة مادية، فعلى الأسير ترضيته بدفع فدية مرضية، إن أراد فك أسره وتحرير رقبته، وإلا صار عبدًا مملوكًا لآسره، له أن يمتلكه وله أن يبيعه، والغالب أنه يبيعه في حالة عجزه عن تقديم فدية، أو عجز أهله عنها، كي يتخلص بذلك آسره من أخطار هروبه منه، فيأخذه إلى الأسواق ويبيعه فيها.

وقد يقع القريب أسيرًا في يدي قريب له، فيكون مملوكًا له, ولا تسقط صلة الرحم حق التملك. وللأسير فداء نفسه حتى إن كان أخًا لآسره أو عمًّا له١. ولكن الأغلب أن يتوسط الناس بين الآسر وأسيره؛ لفك أسره، وأن تتغلب عاطفة الدم على المطالبة بالمال.

ومن أسباب الرق الفقر، ونجد في كتب الحديث والأخبار أن عوائل باعت أولادها من ذكور وإناث، من الفقر. وكان بعض من باع أولاده يشترط أن يكون الولاء لهم, والولاء سبب من أسباب الإرث. جاءت "بريرة" إلى "عائشة"، وكانت مكاتبة، ولم تكن قضت من مكاتبتها شيئا، وكانت كاتبتهم على تسع أواقٍ في كل سنة أوقية، فقالت: يا أم المؤمنين اشتريني فإن أهلي يبيعونني، فأعتقيني. قالت عائشة: نعم. قالت بريرة: إن أهلي لا يبيعونني حتى يشترطوا ولائي. قالت: لا حاجة لي فيك. فسمع ذلك النبي، فقال: "ما شأن بريرة؟ " فذكرت له شأنها، فقال: "اشتريها فأعتقيها, وليشترطوا ما شاءوا ".


١ إرشاد الساري "٤/ ٣١٥"، "باب إذا أسر أخو الرجل أو عمه, هل يفادى؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>