للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعشر معروف عند غير العرب أيضًا، وهو يقابل "إش، رو، و" "Isch-ru-u" في الآشورية، أي "عشر"، وهو ما يدفع عن الأموال والذهب عندهم، و"مَعَشير" "Ma asher" في العبرانية، وقد جرى التعشير عندهم قبل أيام موسى، ونص عليه في التوراة. فكانوا يقدمون عشر أموالهم صدقة تزكيهم، يدخل فيه البقر وبقية الماشية، وتوسع "الفريسيون" في ذلك، فأدخلوا في العشر، عشر النعناع والشبث والكمون١.

وقد أشير في نصوص المسند إلى الضرائب التي كان على المتبايعين في الأسواق أداؤها إلى الحكومة, فعلى كل متعامل في السوق دفع "همد" إلى جباة السوق. والـ"همد" ما يؤخذ من المتعاملين في السوق عن اتجارهم بها, فهي ضريبة البيع والشراء٢. وقد حذرت تلك النصوص المخالفين المتهربين من دفع ما عليهم من الـ"همد" بإنزال أقصى العقوبات عليهم بما في ذلك مصادرة أموالهم، إن حاولوا أكل حق الحكومة، والتهرب من دفع حصتها من الربح.

وهناك ضريبة أخرى ذكرت في النصوص كذلك، هي "فرعم أي: "فرع". يظهر أنها كانت عندهم تطوعية, لا يجبر الإنسان على أدائها، وإنما هي صدقة يتصدق بها من يشاء.

وقد كانت الحكومات العربية الجنوبية قد عينت جباة يجلسون في الأسواق وعند مدخل الحدود لجمع الضرائب المفروضة على البيع والشراء والاتجار وحق المرور. أما ضرائب غلات الأرض، فلها جباتها، كما كان يلتزمها كبار أصحاب الأرض وأصحاب الأقطاع، فيدفعون للحكومة حصتها من الزرع، وهم يجبون تلك الحصة من صغار المزارعين التابعين لهم أو المستأجرين لأرضهم، فيأخذون منهم كل ما يمكنهم أخذه للاستئثار به، وإعطاء القليل منه إلى الحكومة. وبذلك كان صغار المزارعين والمستأجرين للأرض يلاقون عنتًا شديدًا من الضرائب المفروضة عليهم.

وقد كان المتولون لأمر الأسواق يأخذون عشور التجار, لهم جباة يجوبون السوق؛ ليأخذوا عُشر ما يباع. فكان "الأكيدر" يعشر سوق دومة الجندل،


١ راجع سفر التكوين، الإصحاح ١٤، الآية ٢٠، والإصحاح ٢٨، الآية ٢٢، قاموس الكتاب المقدس "٢/ ١٠٣"، "عشر عشور أعشار".
٢ REP. EPIGR. ٤٣٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>