للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما يتولاها سادة "كلب"، أو بعض الغساسنة، وكان "قنافة" الكلبي ممن ينافس الأكيدر على دومة, يتولى جباية العشر كذلك. وكذلك كان المتولون لأمر الأسواق الأخرى يأخذون العشر. فالعشر، الجباية المألوفة التي يدفعها التجار عن تجارتهم في كل ما يبيعون ويشترون، وعن مكس السلع التي تنقل لبيعها في الأسواق الخارجية. فقد كان التجار العرب إذا دخلوا حدود بلاد الشام، عشرهم رجال المكس على الحدود, وإذا تاجروا في أسواق بلاد الشام عشرهم العشارون في هذه الأسواق.

وكان "زنباع بن روح" ممن يعشر من يمر به بمشارف الشام١, وهو من "جذام", وكان يعمل للحارث بن أبي شمر الغساني. ذكر أن "عمر" خرج تاجرًا في الجاهلية مع نفر من قريش، فلما وصلوا إلى فلسطين، قيل لهم: إن "زنباع بن روح" يعشر من يمر به، فعمدوا إلى إخفاء ما معهم من ذهب، فلما وجده، أغلظ عليهم في العشر ونال من عمر، فقال "عمر" في ذلك:

متى ألق زنباع بن عمرو ببلدة ... لي النصف منه يقرع السن من ندم

ويعلم أن الحي حي ابن غالبٍ ... مطاعين في الهيجا, مضاريب في الهيم٢

ويقال لعمال العشور والجزية: "الحُشَّار"، وفي حديث وفد ثقيف اشترطوا ألا يعشروا ولا يحشروا، أي: لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث، وقيل: لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم، بل يأخذها في أماكنهم٣.

وورد في كتاب الرسول لعبد يغوث بن وعلة الحارثي: "ولا عشر ولا حشر"، وورد في كتابه إلى "يزيد بن المحجل الحارثي": "إن لهم نمرة ومساقيها ووادي الرحمن من بين غابتها، وإنه على قومه من بني مالك وعقبة, لا يغزون ولا يحشرون"، وجاء مثل ذلك في كتابه لقيس بن الحصين ذي الغصة: "لا يحشرون ولا يعشرون"٤، ووردت هذه الجملة في كتابه لبني جُعيل من


١ تاج العروس "٥/ ٤٦١"، "قرع".
٢ الإصابة "١/ ٥٣٣"، "رقم ٢٨١٧".
٣ تاج العروس "٣/ ١٤٢"، "حشر".
٤ ابن سعد "١/ ٢٦٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>