للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرفت دراهم الأكاسرة بـ"دراهم الأسجاد", قيل: إنها عرفت بذلك؛ لأنها كانت عليها صور يسجدون لها، وقيل: كانت عليها صورة كسرى، فمن أبصرها سجد لها، أي: طأطأ رأسه لها وأظهر الخضوع. وإياها عنى الأسود بن يعفر النهشلي في رواية من الروايات بقوله:

من خمر ذي نطف أغنّ منطق ... وافى بها كدراهم الأسجاد١

وذكر في رواية أخرى، أن الأسجاد: اليهود والنصارى، أو معناه: الجزية٢.

وكان الفرس عند فساد أمورهم فسدت نقودهم من العين والورق غير خالصة، إلا أنها كانت تقوم في المعاملات مقام الخالصة وكان غشها عفوًا لعدم تأثيره بينهم إلى أن ضربت الدراهم الإسلامية فتميز المغشوش من الخالص٣.

وورد أنه كانت باليمن دراهم صغار، في الدرهم منها دانقان ونصف٤, وورد أن الدرهم اليمني كان دانقًا٥. ويظهر أنه كان من أيام الحميريين، بدليل تسمية "الماوردي" لهذه الدراهم بدراهم حميرية، وكانت كما يقول قليلة٦.

وعلى هذا يكون أهل مكة قد تعاملوا في الجاهلية بعملة الروم, وبعملة الفرس، وهي الدراهم على الأكثر، وبعملة اليمن، وأشار بعض العلماء إلى عملة مغربية، لم يذكروا عنها شيئا٧.

وذكر أن "عمر بن الخطاب"، أمر بضرب الدراهم على نقش الكسروية، وشكلها بأعيانها، غير أنه زاد في بعضها: "الحمد لله"، وفي بعضها: "محمد رسول الله"، وفي بعضها: "لا إله إلا الله وحده". وكان ذلك سنة ثماني عشرة من الهجرة, وفي آخر مدة عمر وزن كل عشرة دراهم ستة مثاقيل. فلما بويع "عثمان" ضرب في خلافته دراهم نقشها: "الله أكبر".


١ تاج العروس "٢/ ٣٧٢"، "سجد".
٢ تاج العروس "٢/ ٣٧٢"، "سجد".
٣ الأحكام السلطانية، للماوردي "١٥٤"، لأبي يعلى "١٦٣".
٤ الأحكام السلطانية، لأبي يعلى "١٥٩".
٥ المصدر نفسه "ص١٦٢"، الأحكام السلطانية, للماوردي "١٥٤".
٦ الأحكام السلطانية، للماوردي "١٥٤".
٧ شرح النووي على صحيح مسلم "٤/ ٣٢٣"، "حاشية على إرشاد الساري".

<<  <  ج: ص:  >  >>