للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي عهد "معاوية"، ضرب الدراهم السود الناقصة من ستة دوانق، فتكون خمسة عشر قيراطًا، تنقص حبة أو حبتين. وضرب منها "زياد"، وجعل وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وكتب عليها، فكانت تجري مجرى الدراهم. ولما قام "عبد الله بن الزبير" بمكة ضرب دراهم مدورة، وكان أول من ضرب الدراهم المستديرة، وكان ما ضرب منها قبل ذلك ممسوحًا غليظًا قصيرًا، فدورها عبد الله. وضرب مصعب بن الزبير دراهم بالعراق، وجعل كل عشرة منها سبعة مثاقيل, فلما استوثق الأمر لعبد الملك بن مروان، ضرب الدنانير والدراهم في سنة ست وسبعين من الهجرة١.

وجاء في رواية أخرى أن أصحاب رسول الله كانوا يتعاملون بدراهم العجم، فكان إذا زافت عليهم أتوا بها السوق، فقالوا: من يبيعنا بهذه؟ وذاك أنه لم يضرب النبي، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا معاوية٢. وإن أول من ضرب المنقوشة عبد الملك بن مروان٣, ونجد بين العلماء اختلافًا في أول من أمر بضرب الدنانير والدراهم في الإسلام.

وذكر بعض أهل الأخبار، أنه كانت لقريش أوزان في الجاهلية، فدخل الإسلام فأقرت على ما كانت عليه. كانت قريش تزن الفضة بوزن تسميه درهمًا، وتزن الذهب بوزن تسميه دينارًا، فكل عشرة من أوزان الدراهم سبعة أوزان من الدنانير. وكان لهم وزن الشعيرة وهو واحد من الستين من وزن الدرهم، وكانت لهم الأوقية وزن أربعين درهمًا، والنش وزن عشرين درهمًا، وكانت لهم النواة وهي وزن خمسة دراهم، فكانوا يتبايعون بالتبر على هذه الأوزان, وقد أقرهم الرسول على ذلك٤. وكانوا يحتفظون بالأوزان المقررة، حتى إذا حدث اختلاف على الوزن، رجعوا إلى الوزن المقرر المعتبر. وكان "أبو وداعة بن ضبيرة السهمي" يمتلك وزن مثقال في الجاهلية، يوزن به٥.


١ الأحكام السلطانية، لأبي يعلى الحنبلي "ص١٦٠ وما بعدها الحاشية".
٢ الأحكام السلطانية، لأبي يعلى "١٦٥".
٣ الأحكام السلطانية، لأبي يعلى "١٦٤"، وللمقريزي رسالة في النقود القديمة والإسلامية مطبوعة.
٤ فتوح البلدان "٤٥٢ وما بعدها"، "أمر النقد".
٥ فتوح البلدان "٤٥٢"، "أمر النقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>