للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك استئجار النبي "عبد الله بن أريقط" من "بني الديل"، ثم من "بني عدي" ليكون هاديًا له لطريق يوصله إلى يثرب، فساحل به وبأبي بكر وبعامر بن فهيرة، حتى بلغ يثرب. وكان قد ساحل؛ لأن أهل مكة كانوا يتبعون طريق "بدر" إلى المدينة، فأراد التخلص بذلك من تعقيبهم له١. واستئجار المقاتلين للقتال عنهم, فقد كان أحدهم يعتذر عن المشاركة بنفسه في القتال لوجود أسباب مانعة، فيرسل غيره للقتال عنه، يدفع إليه أجرًا عن ذلك٢.

و"الكروة" و"الكراء": أجرة المستأجر, والمكاري: هو الذي يكري دابته لغيره في مقابل "كروة"٣, والمكارون: هم الذين يكرون دوابهم، وتدخل الإبل فيها، فقد كان من أصحاب الإبل من يكاري إبله للتجار ولغيرهم, تنقلهم إلى مسافات بعيدة أو قريبة.

ويستخدم الملاكون وسادة الأرض الأجراء -ممن لا أرض لهم, ولا مال لديهم يحصلون به على أرض يستغلونها- في الاشتغال بأرضهم وبمزارعهم لإصلاحها وزرعها وبنائها, ويعرف هؤلاء بـ"ملجا" في بعض نصوص المسند, واللفظة من أصل "لجا" التي هي لجأ في عربيتنا. ويقيم اللاجئ في ملجئه ويتمتع بحماية صاحبه وسيده ما دام فيه، يزرع ويبني لسيده في مقابل هذه الحماية التي يتمتع بها, والحماية التي تحميه من أي ظلم أو اعتداء٤.

ويعبر عن الأجراء الذين يستخدمهم الملَّاكون في زراعة الأرض واستغلالها مقابل أجر يدفع لهم بلفظة "أجرم" في المسند٥, أي: أجير وأجراء. والأجراء جماعة كبيرة، تنقلت من ملك إلى ملك، ومن خدمة سيد إلى خدمة سيد آخر؛ لتخدم ملاكًا في مقابل أجر يتفق عليه، وعقد يبرم بين المالك والأجير، فإذا انتهى العقد أو العمل، أو رأى المالك انتفاء الحاجة إلى خدمة الأجير، أنهى عمله. وقد كان الأجراء طبقة بائسة لا تملك شيئًا غير عمل يدها؛ ولهذا كانت مضطرة بحكم فقرها هذا إلى التنقل من مكان إلى مكان للحصول على عمل تقتات


١ إرشاد الساري "٤/ ١٢٨".
٢ إرشاد الساري "٤/ ١٣٠".
٣ تاج العروس "١٠/ ٣١٣"، "كرى".
٤ Kat. Texte, II, S. ٣٦
٥ Jamme, South Arabian Inscriptions, pp. ٧٦, ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>