للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"هشام بن محمد بن السائب الكلبي" هو من الآخذين عن أهل الكتاب كذلك، المدخلين للإسرائيليات ولأنساب التوراة إلى المسلمين. وهناك نفر آخرون أخذوا عن أهل الكتاب أيضا، يخرجنا ذكر أسمائهم هنا عن صلب الموضوع؛ ولهذا اكتفيت بذكر هذين الرجلين، لما لهما من أثر بارز فيمن جاء بعدهما في موضوع الإسرائيليات وأنساب التوراة.

وأما ما نسب إلى "ابن عباس" من أقوال لها صلة بالتوراة فيجب دراسته بحذر ونقده نقدا عميقا، ومطابقته بما ورد في تلك الأسفار وفي كتب اليهود الأخرى, ونقد سلسلة السند التي تروي تلك الأقوال وتنسبها إليه, ولم يقم حتى الآن باحث لفت نظره هذا الموضوع؛ لذلك أرجو أن ينتبه إليه العلماء ليبدوا رأيهم فيه، ورأيهم في الأقوال المماثلة المنسوبة إلى صحابيين آخرين وتابعين؛ ليكون حكمنا في مثل هذه الأمور حكمًا مستندًا إلى درس وعلم.

ومما نسب إلى "ابن عباس" شعر مشهور معروف اليوم بين الناس قالوا: إنه نسبه إلى آدم، وأنه قال: إن آدم نظمه بعد قتل ابنه، وهو شعر موضوع بالطبع، وضع على آدم، على لسان ابن عباس, فقد نسبه بعض العلماء إلى أناس آخرين١.

ولم يعرف عن "كعب الأحبار" أنه ألف أو دون شيئا، إنما عرف عنه أنه كان يجلس مجالسه في المسجد يتحدث إلى الناس ويستعين بالتوراة أحياتا يقرأ منها عليهم، ويفسرها لهم٢. ولكن "الهمداني" يذكر أنه كان قد كتب كتبًا، وأن أهل "صعدة" كانوا قد توارثوا كتبه ورووا منها. قال: روى الصعديون مرفوعا إلى إبراهيم بن عبد الملك الخنفري، قال: قرأت كتب كعب الأحبار، وكان كعب رجلًا من حمير من ذي رعين، وكان قد قرأ التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، وأوسع في العلم٣. وقال أيضا: والوجه ما ذكرنا في أول السيرة من هذا الكتاب، ما رواه أهل صعدة عن كعب الأحبار في خلق آدم، ومن خلفه إلى نوح، وخبر الطوفان٤. وقد


١ الإكليل "١/ ٣٦".
٢ ابن سعد، الطبقات "٧/ ٧٩".
٣ الإكليل "١/ ٥٥".
٤ الإكليل "١/ ٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>