للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشائعة، لا سيما وأن سواد الناس لم يكن في إمكانهم تناول اللحوم في كل يوم؛ لغلائها بالنسبة لهم، بل كانوا يعيشون على الخبز وبعض الإدام الرخيص؛ ولهذا صار الخبز المادة الأساسية في معيشة الإنسان، ومن هنا قيل له "العيش"، وقيل للطعام: "العيش". كما كان اللبن أساسًا لمعيشتهم، وقد يتأدمون بالتمر مع الخبز١.

وأحسن اللحوم عند العرب لحوم الإبل، لا يفضلون شيئًا عليها، ومنهم من كان يستطيب أكل الضب٢, وهم في أكل لحم الجمل على عكس يهود الذين يحرمون أكل لحوم الجمل. أما لحوم الغنم والماعز، فإنها تكون عند أهل القرى والمدن، حيث يبيعها الجزارون, وقد يأكون لحوم الخيل. وفي الأدب العربي قصص عن ذبح فرس لضيف قادم، حين لا يكون لدى المضيف من حيوان سوى الفرس. وقد يأكون الحمر الوحشية، والحيوانات الأخرى حيث يصطادونها, أما الدجاج, فإنه من مآكل أهل القرى والمدن حيث تربى عندهم ويبيعونها في السوق.

وكان مأكولهم في غالب الأزمان لحوم الصيد والسويق والألبان، وكان الغالب من أهل باديتهم لا يعاف شيئًا من المأكل لقلتها عندهم. وكان الاصطياد ديدنًا لهم وسيرة فاشية, حتى كان ذلك أحد المكاسب التي عليها معاشهم؛ لاضطرارهم إلى النقلة في الغالب وتشاغلهم بالحروب وغزو بعضهم بعضًا، ولضيق ذات يدهم، فكانوا يتغلبون على كل ذلك بالاصطياد وبمطاردة الحيوانات بكل طريقة ممكنة لأكل لحومها٣.

والطِّباخة من الحرف التي كانت معروفة عند الجاهلين, وقد ورد في كتب اللغة والأخبار وكتب الحديث أسماء بعض الأطعمة التي كان يستعملها أهل الجاهلية وبينها أسماء أطعمة معربة، اقتبسها العرب من الفارسية والآرمية واليونانية. ومن هذه الأطعمة المعربة، "الخرديق" "الخردق"، وهو طعام شبيه بالحساء أو


١ اللسان "٦/ ٣٢٢".
٢ بلوغ الأرب "١/ ٣٨٠"، وكان الرسول ممن لا يستسيغ أكل العنب، كتاب التأريخ الكبير، لأبي عبد الله، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري "المتوفى سنة ٢٥٦هـ"، "١/ ١٧٠"، "طبعة حيدر آباد الدكن سنة ١٣٦٣هـ".
٣ بلوغ الأرب "١/ ٣٨٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>