للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوم بها الدباغون، إذ يتعهدونها بالرعاية والعناية والإصلاح، فينظفونها مما بها من أوساخ ويصلحونها ويعالجونها، ثم يبيعونها إلى التجار أو يحوِّلونها إلى مواد نافعة مفيدة، مثل اتخاذها أوتارًا لآلات موسيقية أو للأقواس لرمي السهام، أي: لأغراض حربية. وكلما كانت العناية شديدة بمعالجة هذه الأمعاء، كانت الأوتار ذات قابلية كبيرة على الشد والتوتر، وبذلك يكون مجال رمي السهام بالأقواس كبيرًا، وفائدة القوس في القتال عظيمة. وقد كان القواسون, أي: الرماة بالقوس، قوة ذات أهمية في مصير حرب ما في ذلك العهد.

وتدخل الجلود في أغراض حربية كذلك؛ فقد استخدمت لحماية الجسم من ضربات السيوف ومن تساقط السهام عليه، كما استخدمت في صنع الدروع والخوذ الواقية للرأس، وفي حماية الدبابات والمنجنيقات بتغليفها بجلود ثخينة مقاومة, وتعالج بمواد خاصة تكسبها مقاومة خاصة أمام تساقط النار أو الماء الحار أو الزيوت الساخنة عليها، وقد تعمل ستائر منها يحتمي الجنود المشغلون لها تحتها من المواد المقذوفة عليهم. وهناك استعمالات أخرى للجلود أدت للجيوش خدمات كبرى في الحروب؛ فالقرب مادة ضرورية في الحرب؛ لأنها أوعية ومخازن للماء، والماء مادة ضرورية للانتصار في الحروب, والراوية وهي المزادة من ثلاثة جلود، هي مادة ضرورية في الحرب وفي غير الحرب لما تحمله من ماء١. وصنعت الدرق من الجلود، وهي الحجفة تتخذ من جلود ليس فيها خشب ولها عقب٢, ويراد بالحجفة التروس من جلود خاصة، وقيل: من جلود الإبل مقورة بلا خشب ولا عقب, وقد كانت معروفة عند الأحباش خاصة٣. ويراد بالتروس كل الأسلحة التي يتوقى المحارب بها, والتراسة صنعة التروس، وأما الصانع فهو التراس٤.

وتفرغ أناس لاحتراف أنواع خاصة من أعمال الجلود، فصرف بعضهم نفسه إلى صناعة القرب والدلاء وأدوات السقي، وتخصص قوم بعمل السروج ونحوها من الأدوات التي تستعمل في الحيوان, مثل اللجام و"الرسن"، كما تخصص آخرون


١ المغرب "ص٢٢٥".
٢ تاج العروس "٦/ ٣٤٢".
٣ المصدر المذكور "٦/ ٦٥".
٤ تاج العروس "٤/ ١١٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>