للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: أسماء حيوانات تسمت بها القبائل، مثل "ذئب" و"كلب" و"أسد" و"ضبة" وأمثال ذلك، وكلها كناية عن قبائل وشعوب عاشت قبل الشروع في تدوين هذه الأنساب أو في أيام التدوين.

ويظهر من كيفية عرض هذه الأنساب وجمعها وتبويبها أن في العبرانيين جماعة من النسابين اختصت بجمع الأنساب وحفظها، ومنهم من كان يعتني بجمع أنساب الغرباء عن بني إسرائيل، وربما كان كتبة الأسفار من هؤلاء. فلما شرع كتبة أسفار التكوين بقصة الخلق وبكيفية توزع شعوب العالم وظهور الإنسان على سطح الأرض، كان لا بد من ذكر الشعوب وأنسابها على أسلوب كتابة التأريخ في ذلك العهد، فاستعين بما تجمع عند نسابي العبرانيين من علم بالنسب، وأدرج في هذه الأسفار.

وقد وردت في التوراة في أسفار التكوين وفي "أخبار الأيام الأول" أسماء قبائل عربية رجعتها إلى مجموعات، مثل مجموعة "يقطن" "يقطان"، ومجموعة الإشماعيليين، أي: الإسماعيليين، نسل إسماعيل، غير أنها لم تشر كعادتها بالنسبة إلى كل أنساب البشر, إلى المورد الذي أخذت منه تلك الأنساب؛ لذلك لا ندري إذا كانت التوراة قد اقتبست ما ذكرته عن أنساب الأمم من الأمم التي تحدثت عن نسبها، بأن أوردت تلك الأنساب على نحو ما كان شائعًا متعارفًا عند الأمم المذكورة بالنسبة لنسبها، أو أنها روتها على حسب ما كان متعارفا عنه قدماء العبرانيين في أجداد البشر وفي أنسابهم، فدونتها على هذا النحو الشائع بين العبرانيين إذ ذاك.

أما النصوص الجاهلية، فإنها لم تتحدث ويا للأسف، عن مجموعات قبائل على النحو المتعارف عليه عند علماء النسب. ولكنها جاءت بأسماء قبائل عديدة كثيرة، لم يعرف من أمرها أهل الأخبار والنسب شيئًا. فنحن نقف على أسمائها لأول مرة، بفضل تلك الكتابات.

وقد أفادتنا الكتابات الجاهلية فائدة كبيرة من ناحية دراسة أسماء القبائل الواردة في كتب النسب والموارد الإسلامية الأخرى، إذ مكنتنا من الوقوف على الصلات بينها، وعلى معرفة ما سمي منها بالأب أو الابن أو الأم، كما عرفتنا على مواطن عديدة من مواطن الخطأ التي وقع فيها النسابون وأصحاب الأخبار، وعلى كثير من الوضع الذي وضع في النسب أو في القصص المروي عن القبائل جهلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>