أحجار مكتوبة، بقلم مشتق من المسند، وبلهجات عربية تختلف عن لهجة "ال"، أي: عن العربية التي نزل بها القرآن، مما يدل على أنها كانت في الأصل لقبائل كانت لهجاتها لا هي عربية جنوبية ولا هي عربية من عربية أهل البوادي، ولكنها كانت متأثرة بالثقافة التي تدون بالقلم المسند، ثم تأثرت بلغة الأعراب الذين جاءوها من البوادي وذلك قبيل الإسلام، فنزلت هذه المواضع، وزاحمت أهلها، ثم غلبتهم على أمرهم، فاختفت اللهجات العربية القديمة، وحلت محلها لهجة "ال". وسيجد المنقبون الذين سينقبون في المستقبل في هذه المواضع آثارًا ستحدد لهم الاتجاهات الثقافية والحضارية التي دخلت جزيرة العرب، واللغات التي كانت سائدة فيها.
وفي المسند مصطلحات كثيرة خاصة بالبناء وبالآلات والمواد التي تستعمل فيه، وفي أجزاء البناء. واللهجات العربية الجنوبية هي أغنى بمصطلحات البناء من العربية التي نزل بها القرآن الكريم؛ وذلك لأن أهل العربية الجنوبية كانوا حضرًا في الغالب وأهل مدر، حتى إن أعرابهم كانوا يقيمون في أكواخ وعشش ثابتة مستقرة. لهذا كثرت في لغتهم ألفاظ الحضارة التي تقوم على الإقامة والاستقرار. وظهرت عندهم ألفاظ لمواد تستعمل في البناء مثل أنواع الصخور والحجارة، وكيفية قطعها، وأنواع الخشب المستعمل فيه، وآلات القطع أو آلات المعمار وغير ذلك من مصطلحات لا نجد لها مقابلًا في هذه العربية التي نتكلم بها؛ وذلك لأن حضارة البناء التي ظهرت في اليمن وفي بقية العربية الجنوبية للأسباب المذكورة لم يظهر ما يماثلها في المواضع الأخرى من جزيرة العرب، حيث قام عمرانها على المدر بالنسبة للحضر أي: على الأبنية المتخذة من المدر أو من اللبن أو من الآجر. ومثل هذه الأبنية، لا تحتاج إلى مصطلحات وإلى آلات كثيرة، ولما كانت الحاجة هي أم الاختراع في اللغات، لذلك قلَّت مصطلحات العمران في اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، بينما كثرت فيها مصطلحات أهل الوبر ومصطلحات البداوة، في مثل أجزاء الخيمة وما يتعلق بحياة الفرس والجمل. حيث قصرت دونها هنا لغة المسند.
وقد درس الآثاريون في الأيام المتأخرة موضوع الفن العربي الجنوبي ووضعوا بحوثًا فيه، استندت على الملاحظات والدراسات التي قاموا بها في مواطن الآثار أو من ملاحظاتهم للقطع الأثرية وللصور التي أخذت لها. وقد وجد بعضهم مثل