وتوجت هذه الأعمدة بتيجان في الغالب, جعلت على هيآت وأشكال مختلفة. ولا يزال الناس يستعملون هذه الأعمدة في بناء البيوت.
وقد نوّع المعمار هندسة تيجان الأعمدة والأساطين, بأن جعلها أشكالًا وأنماطًا, راعى وحرص على أن يجعلها تتناسب مع شكل العمود الذي سيوضع التاج فوقه, أو الأسطوانة التي سيوضع عليها. وقد مرّ هذا التنويع في أدوار وأطوار, كما مرت صناعة الأعمدة والأساطين بهذه الأدوار كذلك. لقد كان التاج في بادئ أمره جزءًا أساسيًّا من أجزاء العمود, أي: قطعة منه. هي القطعة الأخيرة من قطع العمود. وعلى هذا الجزء أقام قواعد السقف من غير أن يميزه عن الأجزاء الباقية من أجزاء العمود بأي شيء. ثم بدا له أن يجعل للقطعة الأخيرة حافة عليا بارزة, وأن يجعل أعلاها أوسع من أسفلها الذي هو قاعدة التاج التي ترتكز على بقية أجزاء العمود. وذلك لأسباب فنية تتعلق بالبناء وبعقد عقود سقوف المعابد. ثم أخذ يجعل التاج قطعة حجر تكون أوسع مساحة من مساحة القطعة من العمود الذي سيوضع فوقها, أي: أوسع من مساحة العمود نفسه, وصار يزخرفه ويتفنن في زخرفته, حتى ظهرت عنده جملة تيجان أقيمت عليها سقوف المعابد والقصور. وقد عثر على تيجان بسيطة هي عبارة عن حجر وضع فوق العمود, ولكي يربط هذا التاج بالعمود ربطًا محكمًا, ويجلس فوقه جلوسًا تامًّا هندسيًّا, فقد ربط بالعمود بوتد يقوم مقام المسمار في ربط أجزاء الخشب بعضها ببعض, يدخل في التاج وفي العمود ليربط بينهما ويجعلهما وكأنهما قطعة واحدة من حجر. وقد توضع بين التاج والعمود مادة بنائية لتشد بين الحجرين وتمسك بينهما, فضلًا عن "المسمار" الذي يدخل في الثقب الموجود في الحجرين, إن كان ذلك "المسمار" متحركًا أي: متنقلًا, أو في الثقب المحفور في الحجر المقابل, إن كان ذلك "المسمار" أو الوتد ثابتًا وقد نحت في أحد الحجرين حتى صار مرتفعًا كقطب الرحى, ليدخل في التجويف المعمول في الحجر الثاني المقابل وبذلك يتماسك الحجران.
وقد وجد "كلاسر" تاج عمود, ظهر أنه كان مؤلفًا من حجرين, حجر مربع الشكل أطرافه قائمة الزوايا, وأضلاعه الخارجية عدلة, ثم حجر آخر أقيم تحته, أي: فوق العمود, أطرافه الخارجية منحوتة نحتًا جعل الأطراف مائلة نحو العمود, أي: إلى الجهة السفلى١. وربما كان هذا النوع من التيجان مرحلة من
١ "A. Grohmann, S. ٢١٠.".