من العمود, وأعطاها أشكالًا هندسية وزخرفية ميزتها عن العمود وعن تاجه. فنجد قواعد أعمدة على شكل مربع أو على شكل مستطيل أو على شكل دائري. ثم نجدها بسيطة تمامًا, ونجدها مزخرفة ومزوقة. ونجدها وقد نحتت على شكل تظهر وكأنها من طبقات مختلفة.
وعلى هذه الأعمدة والتيجان والأسطوانات أقيمت سقوف المعابد والقصور وبيوت السادات عقدت عقدًا على نحو ما نراه في الوقت الحاضر من بناء المساجد وبعض الأسواق القديمة والأبنية الأثرية. ولا يستبعد استعمال أهل اليمن للقباب في معابدهم وفي قصورهم, فمادة البناء متوفرة عندهم, والإمكانيات الفنية موجودة عند المعمار العربي الجنوبي. عقدت على عقود وأقواس ينتهي مركز ثقلها بتيجان الأعمدة أو برءوس الأعمدة على طريقة بناءهم للمساجد في هذه الأيام.
ولم تجر حتى الآن حفريات علمية واسعة في اليمن وفي بقية أنحاء العربية الجنوبية, كما أن دراسات المتخصصين الضليعين بعلوم العربيات الجنوبية قليلة, ولهذا كان علمنا بالآثار العربية الجنوبية ضحلًا لا يعين على تكوين رأي علمي واضح صحيح في آثار تلك الأرضين وفي صلة الحضارة العربية الجنوبية بغيرها من الحضارات.
لقد وضع "كلاسر" مخططات تقريبية لبعض المعابد والأبنية القديمة في اليمن, مثل معبد صرواح ومعبد "محرم بلقيس" حرم بلقيس, وهو معبد إله سبأ الرئيس "المقه" وأماكن أخرى, كما وضع غيره مخططات أخرى. ولكن هذه الدراسات تقريبية وغير كاملة. ولا بد من وقت للبحث في هندسة هذه الأماكن بحثًا علميًّا دقيقاً. ومثل هذه البحوث لا تقوم إلا بحفريات عميقة منتظمة, توصلنا إلى أسس تلك الأبنية وما طمر في الأرض من آثار تتعلق بتلك الأماكن.
وقد تمكن المنقبون في هذا اليوم من تثبيت معالم بعض المعابد ولا سيما معبد "المقه" بمأرب, حيث شخصوا بعض معالمه, إلّا أن تحديده بصورة مضبوطة واضحة, وتعيين مواضع العبادة فيه, تحتاج إلى دراسات أثرية واسعة وبمقياس كبير. فقد أمكن مثلًا تنظيف بعض مواضع معبد "اوم" "اوام" بمدينة "مأرب" من الأتربة, لتظهر معالمه, وأمكن بذلك من الحصول على معلومات أثرية لا بأس بها عنه, غير أن معارفنا عنه لا تزال قليلة؛ لأن البحث العلمي لم يتم على هذا المعبد حتى الآن. وترى في الصورة بقايا الأعمدة التي كانت تحمل