للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عبر الفنان العربي الجنوبي عن مشاعره بطريقة أخرى, هي طريقة الحفر على الحجر أو المعدن أو الخشب أو أية مادة أخرى يمكن الحفر عليها. وذلك بطريقتين: طريقة الحفر أي: نقش الصورة أو ما يراد تخليد أثره على المادة حفرًا كأن تحفر صورة إنسان أو حيوان حفرًا عليها بأن تجعل معالم الصورة محفورة حفراً عميقًا نازلًا في تلك المادة. فالحفر في هذه الحالة هو رسم محفور. وطريقة الحفر البارز, وذلك بجعل الأثر المراد تخليده بارزًا ظاهرًا فوق سطح المادة التي حفر عليها. وذلك بأن يؤشر معالم ما يراد تخليده ويرسم, ثم يحفر ما حوله من سطح المادة التي رسم عليها, فتبرز الصورة وترتفع بهذا الحفر عن سطح تلك المادة.

وعثر على عدد من تماثيل الحيوانات, نحتت من المرمر ومن أحجار أخرى, فعثر على تمثال بقرة, وعثرت بعثة "وندل فيلبس" على تماثيل ثيران في خرائب مأرب. كما عثر بعض الباحثين على تماثيل أسود أو خيل١. وقد تمكن الفنان من التعبير عن موهبته الفنية في بعض المنحوتات, وأجاد في إبراز مظاهر بعض أعضاء جسم تلك الحيوانات التي نحتها. وقد وصلت بعض هذه التماثيل وهي مهشمة, وقد فقدت بعض منها بعض أجزاء جسمها, فأضاع هذا الفقدان على الباحثين إمكانية إعطاء رأي فني علمي عن هذه المنحوتات.

ومن الصعاب التي اعترضت "الفنان" العربي الجنوبي مسألة التعبير عن الحركات, ورسم الأشياء المتجاورة, والتمييز بين البعيد والقريب, والتفريق بين المنازل الاجتماعية, كالسيدة المصون صاحبة البيت وبين خادمتها. وهي مشكلات تواجه كل فنان, ولا يتغلب عليها بالطبع إلا من له قدرة وعلم بالتصوير والنحت. ومن جملة النواقص التي نلاحظها على الصور المحفورة أن أكثر القطع المحفورة لم تتمكن من التنسيق بين وضع صاحب الصورة. فبينما نجد الوجة مثلًا وهو متجه إلى الأمام, كأن صاحبها ينظر إليك, نرى الساقين والقدمين جانبيتين, وهذا الوضع لا يتناسب بالطبع مع وضع القسم الأعلى من الجسم.

وقد نشأت عن صعوبة التعبير عن الأشياء المتجاورة, مثل رسم ثورين متجاورين يجران محراثاً, أو فرسين مربوطتين معًا في محراث, مشكلة لم يتمكنوا من التغلب عليها, فلجئوا إلى طريقة بدائية في الغالب, يتحدث وضعها عن هذا العجز،


١ "A. Grohmann, S. ٢٢٤.".

<<  <  ج: ص:  >  >>