للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمالية، مثل غسان ولخم وكلب وكندة وغيرها, على حين يرى بين الجماعتين فروقًا واضحة بينة في كل شيء, حتى إنه يستطيع أن يشير إلى القحطاني الجنوبي حالًا عند رؤيته له، على حين لا يستطيع أن يميز القحطاني الشمالي من العدناني، ولا أن يعرفه إلا بالاستفسار منه؟. الصحيح أننا إذا أخذنا بالملامح وبالأمور الأخرى المذكورة، خلصنا إلى نتيجة تقول لنا: إن الفروق بين القحطانيين والعدنانيين هي أقل جدًّا من الفروق التي نراها بين القحطانيين الشماليين والقحطانيين الجنوبيين. وهي نتيجة ليست في مصلحة أهل الأنساب بالطبع، تبين لنا أن قضية قحطان وعدنان قضية اعتبارية لا غير.

بل خذ القحطانيين الجنوبيين، وهم لبُّ القحطانية ومادُّتها، تَرَ أن القحطاني الساكن على السواحل الجنوبية يختلف في سحنته عن القحطاني الساكن في المرتفعات والهضاب والجبال, وأن الساكن على السواحل المقابلة للسواحل الإفريقية يختلف في ملامحه الجسمية عن الساكن على السواحل المقابلة للهند، وأن ساكن حضرموت أو عمان أو مسقط يختلفون في الملامح والسحن عن إخوانهم القحطانيين الساكنين في اليمن وفي نجران وفي الأقسام الجنوبية من المملكة العربية السعودية. فهل يكون هذا الاختلاف دليلًا على قحطانية بالمعنى الذي يزعمه أهل الأنساب؟.

ولقد ذهب بعض الباحثين في علم الأجناس البشرية "الأنتروبولوجي" "AnThropology" إلى أن العرب الجنوبيين هم من أصل حامي، وأن وطنهم الأصلي هو إفريقيا١. وقد ذهب بعض آخر إلى وجود شبه كبير في الملامح وفي الخصائص البشرية بين العرب الجنوبيين والقبائل الإفريقية الساكنة على الساحل الإفريقي من البحر الأحمر والصومال، إلا أنه نسب ذلك إلى أن تلك القبائل كانت عربية في الأصل، هاجرت من جزيرة العرب عن طريق باب المندب إلى إفريقيا، فسكنت هناك؛ ومن ثم وقع هذا التشابه بين تلك القبائل والعرب الجنوبيين٢.


١ r. poech, berichte des forschungsinstitutes fuer osten und orient, ii, wien, ١٩١٨, ١٩, ff. v. gluffrida-ruggerl, affinita antropologiche fra etloplcl e arabl meridionali, annuarlo del r. instituto orlentale di napoil, ١٩١٩-٢٠, a. grohmann, arabien, s.٩
٢ les antiquités du yamen, muséon, ٦١, ١٩٤٨, ٢٢٥. ff

<<  <  ج: ص:  >  >>