للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصوص وكتابات, لذلك يجب البحث عنها, لمعرفة تأريخها ودرجة صلتها بالأقلام التي نتحدث عنها. للوقوف على البواعث التي دفعت أصحابها على إيجادها والمراحل التي مرّت بها. فليس من الصواب إهمال تلك الأقلام وغض النظر عنها باعتبار أنها أقلام بعيدة عن أقلامنا, وهي تمثل ثقافة بعيدة عن ثقافتنا.

كذلك يجب البحث عن الرسوم والرموز والإشارات التي سجلها الإنسان البدائي للتعبير عن نفسه ولتخليد ما كان يدور بخلده. ومقارنة ذلك مع أمثاله في كل أنحاء العالم. فإذا فعلنا ذلك وجمعنا كل الأقلام القديمة مثل: أقلام الصين والهند وبقية أقلام أقطار آسيا وأقلام إفريقيا وأمريكا, ودرسناها دراسة علمية. فصار في إمكاننا تكوين رأي عام علمي تقريبي عن تأريخ ظهور الخط عند البشر: متى كان ذلك وأقدم من بدأ به, مع بذل الجهد للبحث عن نماذج جديدة من الخطوط في كل مكان من العالم لنزيد بها على علمنا المتجمع من الكتابات التي وصلت إلينا ولا نضيف عليه علمًا جديدًا وليكون حكمًا قريبًا من المنطق والعلم.

والرأي عندي أنه لأجل الإحاطة بتأريخ تطور الخط, لا بد من الاستمرار في البحث عن كتابات أخرى جديدة ومن دراسة مظاهر أشكال الحروف وكيفية ترتيبها وكيفية النطق بها, أي: الإحاطة بأسماء الحروف. فإن هذه الأمور تساعدنا كثيرًا على فهم تطور الخط عند البشر وعن صلته بعضه ببعض ومن التوصل إلى نتائج علمية قويمة, لا تقاس بالنتائج التي تبني على مجرد الظن والتخمين والتصور.

والذي نلاحظه اليوم أن حروف الخطوط السامية المستعملة عند الغربيين, تكاد تتفق في أسمائها وفي ترتيبها, ويشير هذا التشابه إلى وحدة الأصل, وإلى أن الأبجديات المذكورة قد تفرعت كلها من شجرة واحدة, ونبعت من منبع واحد. فكلها تبتدئ بحرف واحد, هو "الألف" وكلها تجعل الباء حرفًا ثانيًا, ثم إن في وحدة تسمياتها مع اختلاف اللغات التي تدوّن بها دليلًا كافيًا على إثبات أن هذه الأبجديات هي من أصل واحد. وعلى أن لأسماء الحروف علاقة وثيقة بالصور وبالكتابة الصورية للغة الأم التي اخترعت تلك الحروف وأوجدتها من مرحلة المقاطع. وإذا ثبتنا أسماء الحروف, وعرفنا من أين أخذت, وإذا استطعنا العثور على أقدم نص للأبجدية, يكون في إمكاننا إبداء رأي علمي في منشأ الحروف وفي المكان الذي كان له شرف إيجادها, أو الأماكن التي ساهمت بصور مستقلة

<<  <  ج: ص:  >  >>