في إيجاد الحروف. وهذا ما أراه؛ لأني أعتقد أن الانسان فكر في أول الأمر ما فكر به في إيجاد وسيلة يسجل بها أعماله وأفكاره, وأن تفكيره هذا لم ينحصر في بقعة واحدة, بل وجد في كل مكان. حتى في البيئات البدائية, إذ نجد الشعوب البدائية تتخذ وسائل للتعبير عن آرائها وعن تدوين أفكارها بطرق تتفق مع مستواها العقلي ودرجتها في الثقافة.
والحرف الأول, وهو الألف, يعني "ثورًا", ولذلك مثل في الهيروغليفية وفي كتابة طور سيناء بشكل رأس ثور, وأما الحرف الثاني, وهو الباء أو "Beth", فإنه يعني "بيتًا", وقد صور في الهيروغليفية وفي كتابة طور سيناء بشكل يصور مقدمة بيت. وأما الحرف الثالث, وهو الجيم, فإنه "كمل" "كيمل", أي: الجمل, وصورته لا ترمز إلى الجمل رمزًا تامًّا. وأما حرف الدال, فيقال "دالت", ومعناه باب. وأما حرف الهاء, فإنه من He "هي" بمعنى شباك. وأما الواو, فهو يشير إلى وتد. وأما الزاي, فإنه من زين بمعنى سلاح. وأما الحاء, فإنه من "حيث" بمعنى حائط. وأما الياء, فإنه من "يود" بمعنى يد أو يد مفتوحة. وأخذ حرف الكاف من "كاف" "كف" بمعنى كف اليد, أو يد مقبوضة. وأما حرف اللام, فإنه من "لمد" "لامد", ومعناه عصا لضرب الثور. وأما الميم, فإنه من "ميم" بمعنى ماء. وأما النون, فإنه من نون بمعنى سمكة. وأما حرف السين فهو سامخ, بمعنى آلة يعتمد عليها كالعصا. وقد أخذ حرف العين من عين, عين الإنسان. وأخذ الفاء من فم "بم" "" بمعنى فم, وأخذ حرف الصاد من "صادى", بمعنى صياد. وحرف القاف من قوف kof بمعنى الرأس إلى الخلف, وحرف الراء, من ريش بمعنى رأس, وحرف الشين من "شين" "شن" بمعنى سن. وأما التاء, فمن كلمة "تاو" "تو" بمعنى علامة أو صليب, وهكذا١.
ولمسألة ترتيب الحروف أهمية كبيرة لا تقل عن أهمية أسماء الحروف. ويظهر أن ترتيب "أبجد هوز حطي ... إلخ", وهو ترتيب سار عليه العرب أيضًا, هو ترتيب قديم. وقد عرف عند السريان وعند النبط والعبرانيين, وعند "بني إرم" ويظن أنهم أخذوه من الفينيقيين. وقد سار عليه الكنعانيون أيضًا, غير أنهم
١ The Universal Jewish Ency. I, p. ٢٠٢