للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زادوا عليه الأحرف التي اقتضى وجودها في طبيعة لغتهم. وقد وضع علماء العربية بعد "قرشت" التي يمثل حرف التاء فيها آخر حروف الأبجدية الحروف التي لم ترد في ترتيب "أبجد هوز", وهي موجودة في العربية ويقال لها: "الروادف"١.

أما الترتيب السائر اليوم في كتابة الحروف العربية مبتدئين بالألف ومنتهين بالياء, فهو ترتيب إسلامي, وقد وضع على ما يخيل إلي لتيسير حفظ أشكال الحروف للطلاب؛ لأنه راعى الجمع بين الحروف المتشابهة, ولم يتجنب مع ذلك الترتيب الأصل المراعى في نظام "أبجد هوز" تجنبًا تامًّا. وضعه "نصر بن عاصم" في أيام الحجاج.

ومن الفينيقيين الذين كانوا يقطعون البحار والبراري للاتجار مع مختلف الشعوب, انتشرت الكتابة بالحروف إلى حوض البحر الأبيض. فقد كان تجارهم يسجلون ما يبيعون ويشترون ليضبطوا بذلك أعمالهم, فظن من كان يتعامل معهم من اليونان وغيرهم أنهم كانوا يقومون بأعمال سحرية. ولما عرفوا أنهم إنما يكتبون ذلك لضبط أعمالهم وتجارتهم تعلموا منهم سر الكتابة. ثم سرعان ما أخذوا يكتبون. وبذلك انتشرت الكتابة في أوربا. ويظهر أن انتقال الخط إلى أوربا كان في القرن العاشر قبل الميلاد٢. وقد حافظ اليونان القدامى على أشكال الحروف الفينيقية وعلى طريقتهم في التدوين من اليمين ألى اليسار. وحافظوا على أسماء الحروف كذلك. ثم وجد اليونان أن الحروف الفينيقية هي حروف صامتة ولا توجد فيها حروف تعبر عن الحركات. فأكملوها بإضافة الحركات إليها. ثم طوروها بالتدريج. وكان في جملة التطورات الابتداء بالكتابة من اليسار نحو اليمين. وعن اليونان أخذ الرومان وغيرهم من الشعوب الأوروبية الكتابة, وأخذ كل قوم منهم يوجد منها طرقًا جديدة في الخط حتى صارت على نحو ما هي عليه في هذا اليوم.


١ Ency. I, p. ٦٨
٢ The Art of Writing, Unesco, ٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>