للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلية، أي: الكتابات، فليس فيها حتى الساعة شيء ما يحدثنا عن هذا النزاع، وأما الموارد الإسلامية، فإن شعر حسان بن ثابت، أو الشعر المنسوب إلى هذا الشاعر بتعبير أصدق وأصح، هو المرجع الأول الذي يحدثنا عن طبيعة هذا النزاع أو التحاسد الذي كان بين مكة ويثرب قبل ظهور الإسلام وعند ظهوره، إذ كان حسان نفسه من المناضلين فيه الحاملين للواء يثرب في نزاعها مع مكة. ونرى القحطانيين يروون شعره ويذكرونه في افتخارهم على العدنانيين, وقد حمل شعره جل مواضع فخر قحطان على عدنان، ومفاخر أهل يثرب على أهل مكة، حتى لنستطيع أن نقول: إنه أحد بناة النزاع القحطاني العدناني، باعتبار أنه أقدم مشارك فيه يصل خبره إلينا، وأن أكثر ما تذكره القحطانية من دعاوى مركزة في شعر هذا الشاعر مذكورة فيه.

وقد وصل جل شعر حسان إلينا، وطبع في ديوان. راجعناه وراجعنا ما يحمل من شعر، فلم نجد فيه ذكرًا لعدنان، وإنما نجد فيه اسمي "قحطان" و"معد"١. ولم يرد فيه اسم الأول إلا مرة واحدة في قوله:

فلو سُئِلَتْ عنه معد بأسرها ... وقحطان أو باقي بقية جرهما٢

وأما اسم الثاني، أي "معد"، فقد ورد في مواضع بلغت سبعة في الديوان٣.

غير أننا نرى في الجزء الأول من "الإكليل" أبيات شعر نسبها "الهمداني" لحسان، ورد فيها ذكر لقحطان، وفخر به، وانتسب إليه:

لقد كان قحطان العلا القرم جدنا ... له منصب في يافع الملك يشهر

ينال نجوم السعد إن مَدَّ كفه ... تُفَلُّ أكف عند ذاك وتَقصر

ورثنا سناء منه برزًا ومحتدًا ... مُنيف الذرا فخر الأرومة يذكر٤


١ طبعة "هرشفلد" سنة ١٩١٠ بمدينة "لايدن"، رواية السيرافي، شرح ديوان حسان بن ثابت الأنصاري، للبرقوقي، القاهرة, ١٩٢٩.
٢ ديوان حسان "ص٤٤"، البرقوقي "ص٣٩٨".
٣ ديوان حسان "ص١، ٥، ٦، ٢٥، ٤٤، ٤٧، ٨٩".
٤ الإكليل "١/ ١١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>