من جزيرة العرب على كتابات دونت باليونانية وبلغات أخرى. وتبين من دراسة النصوص الجاهلية, أن العرب كانوا يدونون قبل الإسلام بقلم ظهر في اليمن بصورة خاصة, هو القلم الذي أطلق عليه أهل الأخبار "القلم المسند" أو "قلم حمير". وهو قلم يباين القلم الذي نكتب به الآن. ثم تبين أنهم صاروا يكتبون في الميلاد بقلم آخر, أسهل وألين في الكتابة من القلم المسند, أخذوه من القلم النبطي المتأخر وذلك قبيل الإسلام على ما يظهر. كما تبين أن النبط وعرب العراق وعرب بلاد الشأم كانوا يكتبون أمورهم بالإرمية وبالنبطية, وذلك لشيوع هذين القلمين بين الناس, حتى بين من لم يكن من "بني إرم" ولا من النبط, كالعبرانيين الذين كتبوا بقلم إرمي إلى جانب القلم العبراني, ولاختلاط العرب الشماليين ببني إرم واحتكاكهم بهم, مما جعلهم يتأثرون بهم ثقافيًّا, فبان هذا الأثر في الكتابات القليلة التي وصلت إلينا مدونة بنبطية متأثرة بالعربية.
ويظهر من عثور الباحثين على كتابات مدونة بالمسند في مواضع متعددة من جزيرة العرب, ومنها سواحل الخليج العربي, بعض منها قديم وبعض منها قريب من الإسلام, إن قلم المسند, كان هو القلم العربي الأصيل والأول عند العرب. وقد كتب به كل أهل جزيرة العرب, غير أن التبشير بالنصرانية الذي دخل جزيرة العرب, وانتشر في مختلف الأماكن, أدخل معه القلم الإرمي المتأخر, قلم الكنائس الشرقية, وأخذ ينشره بين الناس؛ لأنه قلمه المقدس الذي به كان يكتب رجال الدين. ولما كان هذا القلم أسهل في الكتابة من المسند, وجد له أشياعًا وأتباعًا بين من دخل في النصرانية وبين الوثنيين أيضًا, لسهولته في الكتابة, غير أنه لم يتمكن مع ذلك من القضاء على المسند إذ بقي الناس يكتبون به. فلما جاء الإسلام, وكتب كتبة الوحي بقلم أهل مكة لنزول الوحي بينهم. صار قلم مكة هو القلم الرسمي للمسلمين, وحكم على المسند بالموت عندئذ, فمات ونسيه العرب, إلى أن بعثه المستشرقون, فأعادوه إلى الوجود مرة أخرى, ليترجم لنا الكتابات العادية التي دونت به.
وهناك أقلام عثر عليها المستشرقون في أعالي الحجاز, تشبه القلم المسند شبهًا كبيرًا, لذلك رأى الباحثون أنها من صلب ذلك القلم ومن فروعه للشبه المذكور؛ ولأنها متأخرة بالنسبة له, فلا يمكن أن تكون هي الأم. وقد سمي قلم منها بالقلم الثمودي نسبة إلى قوم ثمود, وسمي قلم آخر بالقلم اللحياني, نسبة إلى