للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الأخبار لسبب التسمية, فهو من نوع التفاسير المعروفة المألوفة عن أهل الأخبار, يضعونها حينما يجابههم شخص يريد معرفة سبب تسمية شيء بالاسم الذي عرف به. ودليل ذلك ما ذكره "البطليوسي" من أن أهل الأنبار كانوا يكتبون المشق, وأن أهل الحيرة كانوا يكتبون "خط الجزم" وهو خطهم, وهو الذي صار خط المصاحف١. و "المشق" في تفسير علماء العربية مد حروف الكتابة٢, ومعنى هذا أن خط أهل الأنبار, كان متصل الحروف ممدودها, بينما غلب على القلم الحيري الشكل التربيعي الجاف ذو الزوايا للحروف. وهو شكل تكون الكتابة به أبطأ من الكتابة بالقلم المشق. ونظيره هو القلم الكوفي في الإسلام, الذي اختص بأنواع معينة من أغراض الكتابة, ومنها الكتابة على الأحجار والخشب. ونظرًا لبطء الكتابة به على الغالب لم يستعمل بكثرة في الكتابة.

ولعل سبب اختلاف قلم الأنبار عن قلم أهل الحيرة, هو في المنبع الذي استقى كل من أهل المدينتين قلمه منه. فقد استعمل نصارى العراق في كتبهم الطقوسية القلم "السطرنجيلي", المشتق من القلم التدمري. وكتبوا به الأناجيل والكتب المقدسة وأحجار المباني, مثل الأحجار التي توضع فوق أبواب المعابد كالكنائس أو البيوت أو القبور وما شاكل ذلك. وهو خط ثقيل يحتاج إلى بذل وقت في نقشه وإلى جهد في حفره على الخشب أو الحجر, بل وفي الكتابة به أيضًا. واستعملوا قلمًا آخر أسرع منه وأسهل وأطوع في الكتابة به من "السطرنجيلي", كتبت به الأعمال التجارية والمخابرات والرسائل والكتب, كتبوا به بقلم القصب وبالحبر. فكان منه خط النسخ٣.

هذا وقد كتب النبط بقلمين كذلك: قلم قديم, ثقيل في الكتابة تكثر فيه الخطوط المستقيمة والزوايا والتربيعات فهو على شاكلة "السطرنجيلي", والخط الكوفي. كتبوا به على الأخشاب والحجارة والمعادن والصخور, حيث حفروا الكتابة حفرًا, كما استعملوه في ضرب نقودهم. وهو ثقيل في الكتابة لذلك لم يستعمل في الأغراض اليومية كتدوين المعاملات التجارية والمراسلات وما شاكل


١ الاقتضاب "٨٩".
٢ تاج العروس "٧/ ٧٠", "مشق".
٣ الأبحاث, السنة ١٩٥٢م, الجزء الأول "ص١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>