للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحيرة أو بالأنبار أو بالأماكن الأخرى من العراق تعود إلى الجاهلية وإلى صدر الإسلام وعلى كتابات مثلها من حيث الزمن يعثر عليها في بلاد الشأم وفي الحجاز أو نجد أو أي مكان آخر من جزيرة العرب, وقارناها بعضها ببعض, وطابقنا فيما بين خطوطها ورسم حروفها وما شاكل ذلك, جاز لنا حينئذ القول بأصل قلم مكة والأقلام الأخرى المشابهة له. وبأصل اللغة التي دونت به, ومزاياها والأماكن التي كانت تتكلم بها. وعندئذ نحل مشكلة أصل اللغة العربية الفصحى أيضًا, وهي من أهم مشكلات تأريخ الأدب الجاهلي ولا شك.

وأما جمهرة المستشرقين المعاصرين الذين عنوا بدراسة تطور الخطوط السامية, ومنشأ الخطوط العربية, فقد رأوا أن الخط العربي الذي دوّن به القرآن أخذ من الخط النبطي المتأخر الذي كان يستعمله النبط, وهو خط تولد من القلم الإرمي المتفرع من الفينيقية على رأي المستشرق "هومل"١. وقد استعمل في تيماء وبين النبط الذين كانوا يقيمون في أعالي الحجاز وفي سيناء٢. وقد عثر على كتابات دونت به في مواضع مختلفة من الحجاز واليمن.

وسند القائلين بهذا الرأي ودليلهم هو عدد من الكتابات عثر عليها السياح, كتبت بلهجة غير بعيدة عن اللهجة العربية التي نزل بها القرآن, وبحروف مرتبطة, وبالقلم النبطي المتأخر الشبيه جدّا بأقدم الخطوط العربية ولا سيما الكوفية منها. ومن مميزاته ارتباط بعض حروفه ببعض وكتابة بعض الحروف في نهاية الكلمة بشكل يختلف عن رسم الحروف التي من نوعها المستعملة في أوائل الكلمة أو أواسطها.

ولهذه الكتابات على قلة عددها أهمية كبيرة لدى العلماء, لما لها من خصائص ومميزات لغوية تفيد في دراسة تطور اللهجات العربية, وفي دراسة تطور القلم العربي. وقد تكون مقدمة لعدد آخر من الكتابات المكتوبة بهذا الخط.


١ Ency. Brita., I. p. ٦٨٤, Grundriss, I, S. ١٥٤.
ناصر النقشبندي, منشأ الخط العربي وتطوره لغاية عهد الخلفاء الراشدين, مجلة سومر, كانون الثاني ١٩٤٧م, "١٢٩ وما بعدها", خليل يحيى نامي, أصل الخط العربي وتأريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام, مجلة كلية الآداب, المجلد الأول, الجزء الأول, مايو ١٩٣٥.
٢ Ency. Brita., I, p. ٦٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>