للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حين نجد النصوص الأخرى وقد كتبت بنبطية متأثرة بالعربية الشمالية بعض التأثر. ولهذا فإني أفرّق بين هذا النص وبين النصوص السابقة له, وأعدّه أول نص وصل إلينا حتى هذا اليوم كتب بلهجة عربية القرآن الكريم.

وتعد الكتابة التي عثر عليها في موضع "أم الجمال" وقيل لها: كتابة "أم الجمال الثانية" تفريقًًا لها عن كتابة أم الجمال الأولى, أحدث ما عثر عليه من كتابات بهذا القلم الذي نتحدث عنه, وباللهجة النبطية المتأثرة بلهجة القرآن, أو باللهجة العربية الشمالية القريبة من لهجة القرآن. وهي لا تحمل تأريخًا. غير أن من عالج أمرها من المستشرقين يرى أنها تعود إلى القرن السادس للميلاد١. ولغتها قريبة من اللغة العربية المعروفة, كما أنها متحررة من النبطية والإرمية إلى حد كبير.

وعثر في اليمن على بعض كتابات نبطية لعلها من آثار التجار النبط الذين كانوا يذهبون إلى اليمن بقصد التجارة, ولا سيما في القرنين الأولين للميلاد, أو من آثار تجار أهل الحجاز أو من أهل اليمن, كانوا قد تعلموا الكتابة بهذا القلم الذي أخذ ينتشر بعد الميلاد؛ لأنه أسهل في الاستعمال من المسند الذي يحتاج إلى دقة في الرسم, وإلى بطء في الكتابة. ولوحظ أنه إحدى هذه الكتابات كتبت بالقلم النبطي المتأخر الذي يشبه القلم الذي استعمل في نقش "فهر بن سلي"٢.

ولكن العلماء لم يتمكنوا من العثور على عدد كاف من الكتابات المدونة بهذا القلم, تكفي لإصدار حكم علمي عن وقت دخول القلم النبطي المتأخر إلى الحجاز واليمن ومدى انتشاره بين الناس. ولما كان القلم النبطي المتأخر قد ظهر بعد الميلاد على رأي أكثر العلماء, يكون هذا الخط قد وصل الحجاز واليمن بعد الميلاد بالطبع بالاتصال التجاري والقوافل التي كانت تقوم برحلاتها بين اليمن وبلاد الشأم, وبواسطة النصرانية التي وجدت لها سبيلًا إلى اليمن.

ويلاحظ أن الذين كتبوا بالقلم العربي الشمالي, الذي أخذ منه قلم مكة, هم من العرب النصارى في الغالب, فأهل الأنبار, والحيرة, وعين شمس,


١ Nabia, p. ٥, PL. ١٥, Littmann, in Zeitschrift fur Semitistik und Verwandte Gebiete, ١٩٢٢, VII, ١٩٧-٢٠٤.
٢ Nabia, p. ٥, PL. ١٥, Littmann, in Zetschrift fur Semitistik und Verwandte Gabiete, ١٩٢٢, VII, S. ١٩٧-٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>