للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الحيرة", أو عن "بشر بن عبد الملك" السكوني, من "دومة الجندل" على رواية أهل الأخبار. وإني أرى أن للبحث عن الكتابات العربية القديمة في الحجاز وفي "دومة الجندل" و"الحيرة" و"الأنبار" و"عين التمر", وفي القرى العربية الأخرى التي أقيمت على الفرات وفي بلاد الشأم أهمية كبيرة بالنسبة لبحثنا في تأريخ نشوء وتطور الخط العربي القرآني؛ لأني أكره الطرق التي يأخذ بها بعض الباحثين من اللجوء إلى الحدس والظن في وضع آراء علمية قاطعة ومهمة, مثل الخط ومنشئه وتطوره وما شابه ذلك, لمجرد رأي ورد عند أهل الأخبار, أو ظن مال إليه عالم, وعندي أن آراءًا مثل هذه يجب ألا تقال إلا باستناد على دليل مادي ملموس, مثل أثر, أو مصدر تأريخي قديم محترم.

والصورة التي نراها في الصفحة المقابلة تمثل نماذج من القلمين: القلم النبطي المتأخر, والقلم العربي القديم, مأخوذة من مختلف الصور الأصلية التي عثر عليها العلماء في مختلف الأنحاء من العراق وبلاد الشأم وجزيرة العرب.

ويرى المستشرق "وايل" Weil أن الترتيب الذي يرد للحروف العربية على طريقة: "أبجد هوز حطي.... إلخ", هو ترتيب أخذه العرب من النبط أو اليهود, وقد أخذه النبط والعبرانيون من القلم الإرمي. وتشير هذه الطريقة بكل جلاء إلى اشتقاق القلم العربي من القلم النبطي المتفرع عن الخط الإرمي١. أما الترتيب الذي عند الكنعانيين, فهو هذا الترتيب مع زيادة الأحرف التي اقتضى وجودها في طبيعة لغتهم. ويرى بعض العلماء أن العبرانيين أخذوا ترتيبهم هذا من الكنعانيين٢. ونجد هذا الترتيب عند الفينيقيين أيضًا, ولهذا يرى بعض الباحثين أن العبرانين والآراميين أخذوا الكتابة من الفينيقيين, وأخذوا منهم استعمال الحروف للعدد أيضًا, على نحو ما نجده في العربية من استعمالها في حساب الجمل٣.

وقد وضع علماء العربية بعد "قرشت" التي يمثل حرف "التاء" فيها آخر حروف الأبجدية التي بلغ عدد حروفها اثنان وعشرون حرفًا, الحروف التي لم ترد


١ "Ency. I, p. ٦٨.".
٢ السامية "١٠٢".
٣ الأبحاث "١٩٥٢م" "جـ١ ص٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>