للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تأكيد الرسول له إنها تسعة وعشرون, نزلت كلها على آدم١. فخبر غير صحيح ولا يُعوّل عليه, وهو موضوع, لما ذكرته من أن الترتيب المذكور إنما ظهر في الإسلام.

هذا وإن مما يؤسف له كثيرًا أننا لا نملك اليوم كتابة واحدة من الكتابات المدونة في أيام الرسول, ولا نملك أي نسخة من نسخ القرآن أو من صحفه المدونة في أيامه. فلا نملك اليوم نسخة حفصة للقرآن الكريم, ولا نسخة "عثمان بن عفان"٢ ولا النسخ التي دونت بأمره لتوزع على الأمصار, ولا أية نسخ أخرى من النسخ التي دوّنها الصحابة لأنفسهم. ولا نملك النسخ الأصلية للمراسلات التي كان يأمر الرسول بتدوينها لترسل إلى الملوك أو سادات القبائل والأمراء. نعم يقال: إن هناك نسخًا من المصاحف ترجع إلى أيام الخلفاء, وقد دوّن بعض منها بأقلام أجلّة الصحابة, وأن هناك بقية من رسائل الرسول وأن هناك كتابات يرجع تأريخها إلى أيام الرسول٣, ولكن المتبحرين في العلم العارفين بكيفية تثبيت أعمار الوثائق لم يتمكنوا من البت في صحة هذه الدعاوى, ولم يقطعوا بصحة هذه الوثائق. لذلك فليس لنا أمام هذه الحجج التي أبديت عن هذه الآثار سوى التحفظ والتوقف عن إبداء رأي فيها, فلعل الأيام تهيئ للقادمين من بعدنا وثائق جديدة تعود إلى الأيام التي نبحث فيها.

هذا وإن من الممكن التثبت في الوقت الحاضر من صحة الوثائق المنسوبة إلى أيام الرسول أو أيام من جاء بعده, بعرضها على الفحوص المختبرية الحديثة, التي باستطاعتها تقدير أعمارها, وتثبيت أسنانها, ولكني لا أعلم أن أحدًا عرض هذه الوثائق لمثل هذه الفحوص.

هذا وللمادة التي دونت عليها تلك الكتابات ولندرة الورق إذ ذاك ولغلاء ثمنه, ولعدم إدراك الناس في ذلك الوقت لأهمية حفظ الوثائق, ولتعرض تلك الوثائق إلى عوامل عديدة من عوامل التلف والبلى مثل: الحريق والماء والأرضة وما شاكل


١ صبح الأعشى "٣/ ٧ وما بعدها", "المسلك الثاني في وضع الحروف العربية".
٢ ليس فيما يقال عن وجود نسخة عثمان من مصحف عثمان في "استانبول" أو في أماكن أخرى أساس من الصحة, وإنما هو زعم من غير دليل.
٣ M. Hamidullah, Some Arabic Inscriptions of Medinah of The Early Rears of Hijrah, Islamic Culture, vol. ١٣, NUM: ٤, ١٩٣٩, P. ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>