من هنا أن العرب الجنوبيين استعملوا الحروف الأولى من أسماء بعض الأرقام عوضًا عن الأرقام نفسها, ولم يتبعوا الطرق التي نتبعها اليوم في كتابة أمثال هذه الأعداد.
والظاهر أن استعمالهم حرف الخاء مقام العدد "٥", جعلهم يحارون بعض الحيرة في التعبير عن العدد "٥٠" الذي يبدأ مثل العدد "٥" بحرف الخاء, فتخصيص هذا الحرف بالعدد "٥" جعل من غير الممكن تخصيصه بالعدد "٥٠" كذلك. ولما كان من الصعب كتابة الـ"٥" عشر مرات للتعبير عن العدد "٥٠" الذي هو حاصل جمع عشر خمسات خاصة لأن هذا العدد يتضاعف ويتكرر, فكروا في حل آخر يحل لهم هذه المشكلة. مشكلة إيجاد حرف أو علامة ترمز عن الرقم "٥٠" هو نصف الـ"١٠٠" كما هو معلوم. ولما كان حرف الميم يرمز عن المائة, والمائة هي حاصل جمع خمسين مع خمسين, فيكون حرف الميم هو حاصل جمع خمسين مع خمسين. ولما كان حرف الميم في المسند هو على شكل خط عمودي يرتكز عليه مثلثان قاعدتهما ملتصقة على ذلك العمود, فإن كل مثلث من ذينك المثلثين يعبر في الواقع عن الرقم "٥٠", فهداهم تفكيرهم هذا إلى رفع المثلث الأسفل ليبقى مثلث واحد هو المثلث الأعلى مرتكزًا على الخط العمودي, ليعبر عن قيمته المتبقية وهي خمسون, وصار هذا الرمز الذي هو نصف حرف الميم رمزًا عندهم للعدد "٥٠". وبذلك أوجدوا لهم حلًّا لتلك المشكلة التي لا بد أنها شغلت بال كتابهم مدة من الزمن.
وأما الأعداد التي تلي العشرة فيبدأ بها بحرف العين أولًا ومعناه عشرة, ثم تليه بقية الزيادة أي مقدار زيادة ذلك العدد عن العشرة. فإذا أرادوا الرقم "١١" مثلًا بدأوا بحرف العين, ثم وضعوا بعده أي على يساره خطًّا عموديًّا واحدًا بمعنى واحد, ويكون المجموع أحد عشر. أما إذا أرادوا الرقم "١٢", فإنهم يضعون مستقيمين عموديين على يسار حرف العين ليدل ذلك على عشرة زائد اثنين وهو اثنا عشر. وإذا أرادوا "١٣" وضعوا ثلاثة خطوط عمودية, ليكون مجموعها مع العشرة أربعة عشرة. أما إذا أرادوا "١٥", فإنهم يكتبون حرف العين ثم يضعون من بعده وعلى جهة يساره حرف الخاء الذي هو بمعنى خمسة. وإذا أرادوا "١٦" وضعوا بعد حرف العين ما يرمز عن الستة, وهكذا بقية الأعداد