للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفواصل التي تشير إلى الأرقام وتوضع في أول الرقم وعند منتهاه، فهي على هذا الشكل:

ومادة الكتابة عند العرب الجنوبيين، هي الحجارة والصخر والخشب والمعادن، يكتبون عليها بالحفر، ولم أسمع أن أحدًا من الآثاريين حتى الآن عثر على كتابات بالمسند مدوّنة بالحبر على القراطيس والجلود والرق أو على ورق البردي على نحو ما كان يفعله المصريون وغيرهم. والظاهر أنهم لم يكونوا يتبعون طريقة كتّاب بابل في الكتابة على ألواح الطين التي تجفف بعد ذلك بالشمس أو بالنار، فتكون كتابة ثابتة مدوّنة على مادة صلبة؛ لأن الباحثين لم يعثروا على كتابات بالمسند مدوّنة على هذه الطريقة.

غير أن عدم وصول كتابات بالمسند مدونة على القراطيس أو الجلود، لا يعني أن العرب الجنوبيين لم يكونوا يعرفون الكتابة عليها وعلى مواد مشابهة لها، إذ لا يعقل عدم وقوف العرب الجنوبيين على استعمال الجلود والقراطيس وعظام الحيوانات مادة للكتابة، وقد كان استعمالها في العالم يومئذ شائعًا معروفًا. ومردُّ السبب في عدم وصول شيء من الكتابات المدونة على تلك المواد، إلى قابلية هذه المواد للتلف، وحاجتها إلى العناية الشديدة، بدليل عدم وصول شيء ما من الكتابات المدونة على الجلود وعلى جريد النخل وعلى اللخاف والعظام والقراطيس من صدر الإسلام ومن أيام الرسول خاصة مع أهميتها وقدسيتها. وليس في استطاعة أحد أن ينكر أن القرآن الكريم قد كتب على هذه المواد المذكورة، وأن الرسول قد أمر فكتبت له عدة كتب وعقود ومواثيق، ولكن بادت أصولها.

والبحث في أصل المسند مثله في أصل الخط، ما زال موضع جدل بين العلماء الباحثين في العربيات الجنوبية. فمنهم من يرجع أصله إلى الخط الفينيقي, ومنهم من يرجعه إلى كتابات سيناء حيث عثر فيها على كتابات قديمة جدًّا يعدها الباحثون أقدم عهدًا من الكتابات العربية الجنوبية، وقد وجد بين بعض حروف هذه الكتابات وحروف المسند شبه جعلهم يذهبون إلى اشتقاق المسند من خطوط سيناء١.


١ Driver, Semitic Writing From Pictograph To Alphabet, London, ١٩٥٤, pp. ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>