للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن جمع، وإنما كان في الكرانيف والعسب"١.

واستعمل الجاهليون كتف الحيوان أيضًا، وهو عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان للكتابة عليه، وقد كتب عليه كتبة الوحي. وفي الحديث: "ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتابًا لا تضلون بعده". أو "ائتوني باللوح والدواة والكتف"٢. ولما كانت العظام مادة مبذولة ميسورة في استطاعة الكاتب الحصول عليها بغير ثمن، وهي صالحة للكتابة بكل سهولة على شكلها الطبيعي أو بعد صقل وتشذيب قليلين، لذلك استعملها الكتّاب بكثرة. فكانت مادة مهمة استعملها كتبة الوحي في تدوين القرآن. وقد ذكر "ابن النديم" أن في جملة العظام التي كتب عليها العرب: أكتاف الإبل٣.

وكانوا إذا كتبوا في الأكتاف حفظوا ما كتبوه في جرة أو في صندوق حتى يحفظ، ويكون في الإمكان الرجوع إليه. وقد كانت الأكتاف في جملة المواد المكتوبة التي استنسخ "زيد بن ثابت" منها ما دوّن من القرآن.

واستعملوا الجلود مادة من مواد الكتابة: الجلد المدبوغ والجلد الغير المدبوغ. وقد كانوا يدبغون الجلد أحيانًا ويصقلونه ويرققونه حتى يكون صالحًا مناسبًا للكتابة. وقد يدبغونه ويصبغونه، وقد ذكر علماء اللغة أنواعًا من أنواع الجلود التي استعملوها في كتابتهم، منها:

القضم، جمع قضيم، الجلد الأبيض يكتب فيه. وقيل: الصحيفة البيضاء، أو أي أديم كان. وقد أشير إليه في شعر للنابغة:

كأن مجر الرامسات ذيولها ... عليه قضيم نمقته الصوانع٤

وأشير إلى "القضيم" و"القضيمة" في شعر "زهير بن أبي سلمى"٥، وفي شعر "امرئ القيس"٦.


١ تفسير الطبري "١/ ٦٣".
٢ تاج العروس "٦/ ٢٢٩"، الطبري "٣/ ١٩٣" "حوادث السنة الحادية عشرة".
٣ الفهرست "ص٣١".
٤ تاج العروس "٩/ ٢٩"، "قضم"، الفائق "٢/ ١٥٠".
٥ ديوان زهير "٢٣١".
٦ ديوانه "ص٨٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>