للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شعر له: "ومن معدّ قد أتى ابن عدنان"، وذلك في مقابل "قحطان"١.

وفي أيام معاوية وابنه "يزيد" و"مروان بن الحكم"، نالت "كلب" مركزًا ساميًا؛ لتزوج معاوية امرأةً من كلب هي "ميسون بنت بحدَل"، فأصبحت هي والقبائل التي تؤيدها مقربة عند الخلفاء، مع أن الخلفاء من قريش، وقريش من قيس؛ وهذا مما أغضب قيسًا المعروفة بعدائها لكلب. وقد كانت لفظة "قيس" في هذا العهد ترادف كلمة "معد" و"مضر" و"نزار"٢, وأما "كلب" فترادفه اليمن. وقد عرفت المعركة التي وقعت في "مرج راهط" بين مروان وابن الزبير بأنها معركة "قيس" و"كلب"؛ لأن قيسا حاربت فيها عن "ابن الزبير", أما كلب فقاتلت عن مروان، وقد أوجد هذا الانتصار حقدا كبيرا بين "قيس" وحلفائها من القبائل، وبين كلب وأنصارها من القبائل التي ادعت أنها من اليمن؛ فوقعت حروب بين قيس وكلب هلك فيها خلق كثير من الفريقين٣, ولعب دورا مهما في تكتل القبائل وفي تجمع القحطانيين والعدنانيين.

وقد أسهم الخلفاء الذين جاءوا بعد "عبد الملك"، ويا للأسف، في هذا النزاع، متأثرين بعاطفتهم وبدمهم من الأمهات، فكان بعضهم يؤيد القيسيين إذا كانت أمهم من قيس، وكان آخرون يؤيدون "كلبًا" إذا كانت أمهم من اليمن. وسار على هذه السياسة الولاة والعمال، فكانت النتيجة تكتل القبائل وانقسامها إلى معسكرين "قيس" و"يمن"، وتزعمت "أزد عمان" في البصرة وخراسان حزب "يمن" في مقابل "قيس" و"تميم"٤.

ووقعت وقائع دموية بين يمن وقيس، أنهكت العرب جميعًا، وصارت من جملة العوامل التي عجلت بسقوط الأمويين.

وحمل الشعراء مشاعل هذا النزاع، وأمدوا ناره بوقود غزير؛ نظموا القصائد في مدح قيس ومدح يمن, وفي ذم يمن وذم قيس بحسب قبيلة الشاعر ونسبه, أسهم فيه


١
سار بجمع كالقطا من قحطان ... ومن معد قد أتى ابن عدنان
الأغاني "٥/ ١٥١".
٢ enc. Vol. ٢, p. ٦٥٥
٣ enc. Vol. ٢, p. ٦٥٥, Werner caskel, die bedeutung der beduinen in der geschichite der araber, s. ١٣
٤ wellhausen, das arabische reich und sein stuetz, s. ٤٠, enc. Vol. ٢, p. ٦٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>