للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك اختلفوا في تفسيرها اختلافًا يرد في كتب التفسير في تفسير معنى "السجل".

ولا أستبعد استعمال الجاهليين للكتب التي تلف لفًّا، وذلك لسهولة المحافظة عليها ونقلها، كالذي كان يفعله العبرانيون ولا يزالون يفعلونه في كتبهم المقدسة. ولا أستبعد أن يكون السجل المذكور في القرآن الكريم على هذا الشكل إذ يُطوى ويُلف لفًّا، وتوضع الكتب داخل غلاف للمحافظة عليها، وقد زيّن أهل الكتاب أغلفة كتبهم المقدسة مبالغة في احترامها وتقديسها وتعظيمها. وإذا أرادوا فتحها، أخذوها باحترام وتبجيل وقبَّلوها، ثم تلوا منها على المتعبدين ما شاءوا.

وإذا ثبت أن لفظة "مصحف"، هي من الألفاظ الجاهلية، فإن ذلك يدل على أن المصاحف، أي: الكتب المؤلفة من صحائف منضدة ومجلدة بين دفتين، كانت معروفة عند الجاهليين. وأنا لا شك لديّ في وجودها بهذا المعنى في أيام الرسول. غير أننا نلاحظ أن المسلمين خصصوا "المصحف" بالقرآن الكريم. و"المصاحف" بالقرائين جمع قرآن. وحين يقولون: "خطوط المصاحف"١، فإنهم يقصدون كتابة القرائين.

ولفظة "القرآن"، و"قرأان"، نفسها تدل على وقوف الجاهليين على المعنى المفهوم من اللفظة، وهو القراءة، ولا بد أن يكون منهم من سمع من اليهود لفظة "مقرا" التي تعني القراءة و"قرآن"، أي: تلاوة الكتاب المقدس وقد كانوا يتداولونها فيما بينهم، ومنهم يهود اليمن والحجاز.

وترد لفظة "الفهرس" في العربية، وهي من الألفاظ المعربة. ذكر بعضهم أنها الكتاب الذي تجمع فيه الكتب٢. وعرفت كلمة "الفهرست"، بـ"ذكر الأعمال والدفاتر تكون في الديوان، وقد يكون لسائر الأشياء"٣, وهي من الألفاظ المعربة عن الفارسية، بمعنى جدول، ومواد كتاب أو نحوه٤. ولكننا لا نستطيع إثبات أنها من الألفاظ التي عرفت بهذا المعنى عند الجاهليين.

وذكر أن "الديوان"، مجتمع الصحف، وأنها لفظة فارسية معربة. وفي


١ الفهرست "ص١٥"، تاج العروس "٦/ ١٦١"، "تصحف".
٢ اللسان "٦/ ١٦٧"، "فهرس" "صادر"، تاج العروس "٤/ ٢١١"، "فهرس".
٣ مفاتيح العلوم "٣٩".
٤ غرائب اللغة "٢٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>