للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان الجاهليون يسألون اليهود عن تواريخ الماضين وقصص الأولين والأنبياء والمرسلين. وعن بعض المشكلات الدينية مثل الحياة بعد الموت وأمثال ذلك مما تعرضت له اليهودية. وقد لجأ إليهم أهل مكة الوثنيون يسألونهم عن أشياء عويصة لليهود علم بها، ليمتحنوا بها الرسول١.

وقد ورد في الأخبار أن "بعض اليهود قد علم كتاب العربية. وكان يعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول، فجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون"٢.

وقياسًا على ما نعرفه من تخصيص الكنائس مواضع خاصة ملحقة بالكنائس لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، فإننا نستطيع أن نقول: إن الكنائس التي كانت في جزيرة العرب في نجران مثلًا أو في صنعاء أو في عدن أو في قطر، لم تكن مستثناة من هذه العادة. وإن كنا لا نملك دليلًا نستند إليه في إثبات قيام الكنائس في جزيرة العرب بتعليم الأطفال القراءة والكتابة.

أما بالنسبة لكنائس العرب في العراق، فإن لدينا شواهد بينة تثبت قيام الكنائس بتعليم الأطفال القراءة والكتابة ومبادئ الدين. وتثبت وجود مكان خاص خصص بالأطفال ليتعلموا فيه. فقد جاء في أخبار "عين التمر" أن خالد بن الوليد لما دخل حصن عين التمر وغنم ما فيه وجد في بيعتهم أربعين غلامًا يتعلمون الإنجيل عليهم باب مغلق، فكسره عنهم٣. وذكر أن تلك البيعة كانت في النقيرة من أطراف عين التمر٤.

وورد في الأخبار أن من أهل الحيرة من كان يتعلم العربية، يقرأ بها ويكتب ويتفقه ويتأدب، كالذي حدث لزيد والد "عدي بن زيد العبادي"، ولابنه "عدي"، وأن منهم من كان يتعلم الفارسية، إذ فيها جماعة من الفرس، ومنهم من يتعلم الإرمية، لغة "بني إرم"، ومنهم من تعلم العربية والفارسية وأجاد بها كتابة ونطقًا، وتولى الكتابة بهما عند الفرس مثل "عدي بن زيد


١ ابن هشام "١/ ٢٧٤".
٢ فتوح البلدان "٤٧٩"، المعارف "١٩٢"، الطبري "٣/ ٣٧٧"، "دار المعارف"، البلدان "٤/ ٨٠٧ وما بعدها"، الأغاني "٢/ ١٠١"، المجدل لعمرو بن متى "٣١، ٣٥، ٤١، ٤٤، ٤٩، ٧١،".
٣ الطبري "٣/ ٣٧٧" "دار المعارف بمصر".
٤ البلدان "٤/ ٨٠٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>