للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادي" وابنه "زيد بن عدي" وغيرهما من آل "زيد" والعباديين نصارى الحيرة١.

ولما فتح خالد "الأنبار": "رآهم يكتبون بالعربية ويتعلمونها، فسألهم: ما أنتم؟ فقالوا: قوم من العرب، نزلنا إلى قومٍ من العرب قبلنا، فكانت أوائلهم نزلوها أيام بختنصر حين أباح العرب، ثم لم تزل عنها، فقال: ممن تعلمتم الكتابة؟ فقالوا: تعلمنا الخط من إياد، وأنشده قول الشاعر:

قومي إيادٌ لو أنهم أممٌ ... أو لو أقاموا فتهزل النعم

قوم لهم باحة العراق إذا ... ساروا جميعًا والخط والقلم٢

وهو شعر نسب قوله إلى الشاعر "أمية بن أبي الصلت"، ذكر أنه مدح به بني إياد٣. ومعنى هذا، أن "بني إياد" كانوا قد عُرفوا بالكتابة في العراق، ولهذا وضعوا هذه القصة في كيفية نشوء الكتابة العربية، وإياد من القبائل العربية القديمة التي نزحت من البحرين إلى العراق.

وقد كان العرب في الأنبار، والحيرة، وعين التمر والمواضع الأخرى يحتمون بأبنية محصنة، يقيم بها ساداتهم، وتكون مواضع دفاعهم أيام الخطر، يقولون لها: "القصور". وقد كانت الحيرة مؤلفة من جملة "قصور"، ولا يزال عرب الفرات يطلقون لفظة "القصر" على المواضع الحصينة المقامة في البادية، لصد غارات المهاجمين، مثل "قصر الأخيضر"، و"قصر العين"، في ناحية "عين التمر". وتحتمي الكنائس وبيوت الناس بهذه القصور، ولما فتح "خالد بن الوليد" "عين التمر"، بعث إلى "كنيسة اليهود، فأخذ منهم عشرين غلامًا وصار إلى الأنبار"٤، وهو خطأ؛ لأن الذي نجده في الموارد الأخرى، أن "خالد بن الوليد"، لما فتح حصن "عين التمر" وجد في كنيسة جماعة يتعلمون سباهم، فكان من ذلك السبي: "حمران بن أبان بن خالد" التمري،


١ الأغاني "٢/ ١٠١".
٢ الطبري "٣/ ٣٧٥"، "حديث الأنبار".
٣ ابن هشام، سيرة "١/ ٤٨".
٤ اليعقوبي "٢/ ١٢٣"، "النجف ١٩٦٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>