للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذنا بما جاء في الموارد النصرانية الشرقية عن التربية والتعليم عند نصارى العراق وعن مواد المعرفة التي كانوا يعلمونها للتلاميذ ولطلاب المدارس العالية، فإننا نستطيع أن نقول إن مدارس الأنبار والحيرة والقرى العربية الأخرى، لا بد وأن تكون قد سارت وفقًا لمنهج أهل العراق في تعليم أبنائهم في ذلك الوقت. من تعليم مبادئ القراءة والكتابة وإجادة الخط وشيء من الحساب والأمثال والحكم ومبادئ الدين. وهي المواد الرئيسية التي كانت تعلم في الكتاتيب في بلاد الشرق الأوسط في ذلك الوقت، والتي لا تزال تدرس في الكتاتيب القديمة حتى اليوم.

والعادة في الكتاتيب حتى الآن في تعليم الخط للأطفال، أن يخط المعلم أو "خليفته" أو من يقوم مقامه من التلامذة المتقدمين، سطرًا من الحكم والأمثال أو من الكتب السماوية، لينقش التلميذ سطورًا مثلها على لوح يحاول الإجادة جهد إمكانه في كتابتها لتقوية يده على الخط. وقد كان العبرانيون يعلمون الآية: "رأس الحكمة مخافة الرب"، "رأس الحكمة معرفة الله"، "مخافة الرب رأس الحكمة"١، في أول ما كانوا يعلمونه لتلامذتهم٢. ويعلمونهم أمثال ذلك من الحكم والأمثال الواردة في التوراة. ولا يستبعد أن تكون هذه الأمثال والحكم في مقدمة ما كان يدرسه المعلمون اليهود في مستوطناتهم في بلاد العرب بتيماء ووادي القرى وقرى المدينة.

وورد أن نصارى العراق، درسوا في مدارسهم لغة بني إرم، لغة الثقافة والعلم آنذاك، درّسوا مفردات اللغة وقواعدها وأصولها، وعلّموا معها مبادئ العربية وقواعدها وآدابها في الأرضين التي كانت غالبية سكانها من العرب٣. ونجد في الموارد النصرانية إشارات تشير إلى تدريس العربية في الأنبار وفي الحيرة، ولا يعقل أن يكون المراد من العربية، الكتابة والقراءة بها فقط، بل لا بد وأن يُعلم معها شيء من أصول الكتابة من كيفية قط القلم ورسم الحروف، وأنواع الخطوط، ثم الأمثال والحكم، وقواعد اللغة وآدابها، أي: منهج المدارس المقرر في الشرق الأدنى في ذلك العهد. وقد كان رجال الدين يسيرون عليه ويتبعونه في مدارسهم. وكان لهم علم بقواعد وبلغة بني إرم.


١ سفر الأمثال، الإصحاح الأول، الآية ٧.
٢ Hastings, p. ٢٠٤.
٣ تأريخ كلدو وآثور "٢/ ٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>