للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما عن تعليم الأطفال في جزيرة العرب، فلا نستطيع التحدث عنه بصورة جازمة لعدم ورود شيء عن ذلك في الكتابات الجاهلية أو في روايات أهل الأخبار. ويمكن أن نقول باحتمال تعليم الأطفال في المواضع التي وجدت النصرانية إليها سبيلًا، مثل مدينة "نجران" وبعض مواضع من سواحل الخليج، على النمط الذي كان متبعًا عند نصارى العراق وبلاد الشأم من تعليم مبادئ القراءة والكتابة وتحسين الخط ومبادئ أمور الدين. ثم المعارف العالية مثل اللغة والعلوم اللاهوتية والطب وما شاكل ذلك، للمتفوقين من الطلاب من أصحاب المواهب والقابليات، وذلك لأن الكنيسة كانت تتبع نظامًا واحدًا في التعليم؛ ولأن الذين كانوا يبشرون بالنصرانية بين العرب، كانوا من أهل العراق في الغالب، وقد درّسوا عرب العراق وعرب مواضع أخرى في جزيرة العرب، وقد درسوهم على طريقة تدريس الكنيسة الشرقية، فيحتمل لذلك أن يكون التدريس على نمط واحد في مدارس الكنيسة، ولا أستبعد احتمال تدريس السريانية لهؤلاء الطلاب، باعتبار أنها لغة الدين وتساعد في فهم الأناجيل والكتب النصرانية والعلوم.

وقد ورد أن: عمر بن الخطاب، كان يقول في تربية الأولاد وتثقيفهم: "علموا أولادكم العوم والرماية، ومروهم فليثبوا على الخيل وثبًا، وروّوهم ما يجمل من الشعر"١. وذكر أنه كتب إلى الأمصار: "أما بعد، فعلموا أولادكم العوم والفروسية، ورووهم ما سار من المثل وحَسُنَ من الشعر"٢، وأن الرسول دعا لمعاوية، فقال: "اللهم علمه الكتاب والحساب" ٣. ويظهر أن هذا التوجيه في تربية النشء كان معمولًا به عند الجاهليين.

ويظهر أن الحث على تعلم السباحة، إنما ظهر في الإسلام، بعد الفتوح، وذلك بعد أن اتصل العرب، بالأنهار الواسعة العميقة وبالبحار، فأجبرهم الواقع على تعلم العوم. ونجد "الحجاج" يقول لمعلم ولده: "علِّم ولدي السباحة قبل الكتابة، فإنهم يصيبون من يكتب عنهم ولا يصيبون من يسبح عنهم"٤.


١ المبرد، الكامل "١/ ١٥٥".
٢ البيان "٢/ ١٨٠"، "٢/ ١١٦"، "القاهرة ١٩٣٢م".
٣ البيان "٢/ ١١٦"، "١٩٣٢م".
٤ البيان "٢/ ١٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>