للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كتب السير والتواريخ إشارات إلى مخابرات أرسلها مسلمون إلى ذوي رحمهم، يطلبون إليهم الدخول في الإسلام، وبأن الرسول سيعفو عنهم ويغفر لهم ما بذر منهم من إساءة إليه إن جاءوا إليه مسلمين، من ذلك، ما كتبه "بجير" إلى أخيه "كعب بن زهير بن أبي سلمى"، يطلب منه الدخول في الإسلام، والتوبة، وإلا فمصيره كمصير "ابن خطل" الذي كان يمعن في هجاء الرسول، فقتل١. ومن ذلك كتاب "الوليد بن الوليد" إلى أخيه "خالد بن الوليد"، يدعوه إلى الإسلام، فجاء مسلمًا٢.

ويذكر أهل الأخبار أن أهل الجاهلية كانوا يستفتحون كتبهم بجملة: "باسمك اللهم"، ويذكر بعضهم أن أمية بن أبي الصلت كان هو الذي ابتدع هذه البدعة. فمشت بين الناس. وصارت سنة لأهل مكة في تدوين رسائلهم. فجعلوها في أول كتبهم. فكانت قريش تكتب بها. وبها افتتح الرسول كتبه في بادئ أمره، ثم أبدلت باسم الله بعد نزول سورة هود, ثم باسم الرحمن، بعد نزول سورة إسرائيل، ثم بسم الله الرحمن الرحيم، بعد نزول سورة النمل٣.

وكان من رسم الجاهليين إذا كتبوا أن يبدءوا بأنفسهم من فلان إلى فلان. ونجد هذا الأسلوب في كتب رسول الله٤.

وتختم الرسالة بخاتم كاتبها أو بتدوين اسمه في نهايتها. كأن يقول: "وكتب فلان" أو "كتب فلان". وقد ورد في كتب السير، أن الرسول حين همّ بتوجيه الكتب إلى قيصر وكسرى وغيرهما، قيل له: إن الروم لا يقرءون كتابًا غير مختوم بختم صاحب الرسالة، فأمر بصنع خاتم له، ختم به كتبه، وورد أن قريشًا حين ائتمرت بمقاطعة بني هاشم وبني المطلب، وكتبت بذلك صحيفة، ختمت عليها ثلاثة خواتيم، وعلقوها في سقف الكعبة٥.


١ الإصابة "٣/ ٢٧٩"، "٧٤١٣".
٢ نسب قريش "٣٢٤".
٣ الجهشياري "١٢ وما بعدها"، الاقتضاب، للبطليوسي "١٠٣ وما بعدها"، أدب الكتاب، للصولي "٣١"، الأغاني "٣/ ١٢٣"، تفسير الطبري "١٩/ ٥٩ وما بعدها"، تفسير الطبري "١٥/ ١٢١ وما بعدها".
٤ القرطبي، الجامع "١٣/ ١٩٢ وما بعدها".
٥ إمتاع الأسماع "١/ ٢٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>