للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعكاظ. فكانوا يجلسون في مكان من السوق، بين المتخاصمين وللإفتاء فيما يشكل عليهم من أمر دينهم. وكان منهم من تخصص بالإجازة بالموسم. ومنهم من تخصص بالفتيا والقضاء. ومنهم من جمع بين الاثنين١.

وأنا لا أستطيع أن أتحدث عن كتب ومؤلفات نقول: إن الجاهليين كتبوها بالعربية على نمط اليونان واللاتين والفرس والسريان في الكتابة والتأليف، ذلك لقصور علمنا في الموضوع، ولعدم وصول أي خبر إلينا عنه حتى الآن.

نعم، لقد أشرت إلى وجود ما يُسمى "مجلة لقمان" و"حكمة لقمان" وإلى كتب امتلكها بعض الجاهليين، إلا أن الأخباريين لم يصفوا كيف كانت مجلة لقمان، ولم يتطرقوا إلى ما كان فيها، كما أن الظواهر تشير إلى أن تلك الكتب هي مؤلفات جيء بها من بلاد الشأم والعراق واليمن، أغلبها في موضوعات دينية وتأريخية وقصص. وأما لغتها، فيظهر أن بعضها بعربية القرآن الكريم، كمجلة لقمان، وبعضها بلغة بني إرم.

أما ما قيل له "الأساطير" أو "كتب الأساطير"، فهو كتب قصص وسمرٍ وحكايات وتواريخ. وتدل التسمية على أنها من أصل يوناني، هو: Historia و Storia في اللاتينية، وتعني التأريخ، عرّبت فصارت "أسطورة" وجمعت على أساطير، واستعملها الجاهليون استعمال اليونان واللاتين، أي: أرادوا بها تواريخ الماضين وحكاياتهم وقصصهم.

وأما ما قيل له "السفاسرة"، فالسفسير الحاذق بالشيء. والسفاسرة أصحاب الأسفار، وهي الكتب. والكلمة من أصل "إرمي" على رأي علماء اللغة. و"سفسير" بمعنى "سمسار" في لغة "بني إرم"، أي: المساوم٢. والظاهر أن "السفاسرة"، من "سفر"، و"سفر" "سيفير" بمعنى كتاب في عدد من اللغات السامية. وتقابل "سفرو" في لغة بني إرم، بمعنى كتاب٣. وقد كان بمكة وبغيرها رجال يتلون الكتب ويقرءون أسفار أهل الكتب من دينية وغيرها قبل الإسلام وفي الإسلام. "وفي الحديث: لا تعلموا أبكار أولادكم كتب


١ المحبر "أئمة العرب". "ص١٨١ وما بعدها".
٢ غرائب اللغة "ص١٨٧".
٣ غرائب اللغة "ص١٨٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>