للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أن "عمر بن الخطاب" قال: "أيها الناس، إنه قد بلغني أنه ظهرت في أيديكم كتب، فأحبّها إلى الله أعدلها وأقومها، فلا يبقين أحدٌ عنده كتاب إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي. فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها، ويقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف؛ فأتوه بكتبهم. فأحرقها بالنار"١. ويظهر أن هذه الكتب هي من كتب أهل الكتاب، فعندنا أخبار عديدة تذكر حصول الصحابة على كتب كثيرة وقعت إليهم في الغزوات والحروب التي جرت في بلاد الشأم.

وقد ورد في شعر بعض الشعراء الجاهليين ما يفيد وقوف أصحاب ذلك الشعر على كتب أهل الكتاب. كالزبور و"خط زبور" و"مصاحف الرهبان" و"التوراة" و"المجلة", أي: الإنجيل وأمثال ذلك، مما يدل على أنهم كانوا قد وقفوا على خبرها وشأنها، وأن اليهود والنصارى وهم عرب على اليهودية والنصرانية كانوا يتداولونها فيما بينهم، باعتبار أنها كتبهم المقدسة٢.

وقد وجد المسلمون مصاحف لليهود في مستوطناتهم فيها التوراة وفيها كتبهم الأخرى. فذكر أن المسلمين لما فتحوا "خيبر" "وجمعت مصاحف فيها التوراة، ثم ردت على اليهود"٣.

وأنا لا أستبعد احتمال ترجمة الكتاب المقدس بقسميه، كلًّا أو جزءًا منه إلى العربية، فقد كان اليهود -كما سبق أن قلت- يفسرون ليهود يثرب ولعربها التوراة وكتبهم الدينية بالعربية، كما كان المبشرون يفسرونه بالعربية، وقد رأيت أن قريشًا اتهموا الرسول بأنه كان يستمع إلى رجل نصراني، ويأخذ منه. وأنهم ذكروا أن الأحناف كانوا يقرءون التوراة والإنجيل، وأن عرب العراق كانوا يدرسون في الكنائس والأديرة بالعربية، فلا أستبعد احتمال وجود ترجمات عربية للكتب الدينية قبل الإسلام، تلفت لأسباب عديدة، منها أنها لم تكن إسلامية، ولأسباب أخرى، فلم تصل إلينا لذلك.

وقد ورد في بيت شعر يُنسب إلى "بشر بن أبي خازم"، ذكر كتاب كان عند بني تميم، إذ جاء فيه.


١ تقييد العلم "٥٢".
٢ خزانة الأدب "٣/ ١١"، ديوان السموأل "١٢"، اللسان "١٢/ ١١٣" "صادر".
٣ إمتاع الأسماع "١/ ٣٢٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>