للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومن والى قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل". وورد أنه كان فيها أشياء من الجراحات وأسنان الإبل١.

ولم نجد في الأخبار ما يفيد أن الصحابة كانوا على علم بصحيفة النبي، ولو كانت للرسول صحيفة فيها أحكام المعاقل والديات، كان الرسول قد علقها على سيفه، دلالة على اهتمامه بها، لما سكت عنها الصحابة، مع ما لها من الأهمية بالنسبة لإصدار الأحكام؛ ولأنها يجب أن تكون المرجع المطاع الثاني بعد القرآن. ولذلك فإنا أشك في أمر هذه الصحيفة، وفي صحيفة الإمام كذلك المأخوذة من كلام الرسول، ولو كانت صحيفة الإمام، هي صحيفة الرسول نفسها، صارت إليه بعد وفاته، لما سكتت الأخبار من الإشارة إليها وعن انتقالها إلى "عليّ" لما لها من أهمية، ولا سيما بالنسبة إلى الشيعة الذين يفتشون عن هذه الأمور باعتبارها منقبة تضاف إلى مناقب الإمام، وحجة في إثبات إمامته واعتماد الرسول عليه وحده. ولو كانت الصحيفة صحيفة الإمام، دوّنها بنفسه، معتمدًا على حديث الرسول، وكانت عنده معلقة بسيفه، حرصًا عليها، لتكون معه وتحت متناول يده، يراجعها متى شاء، فلا يعقل أن تكون مقتصرة على المعاقل والديات وأسنان الإبل، وهي أمور يعرفها الإمام، وهو فقيه، ومرجع من مراجع الإفتاء، دون حاجة إلى أن يكتبها في صحيفة يحرص على حملها معه معلقة بسيفه، ثم إنها إذا كانت على هذه الأهمية بالنسبة للإمام، لما تركها أصحابه، فلم ينقلوها بالنص والحرف، وهي أخطر وثيقة، مع أنهم رووا عنه أحاديث كثيرة، حتى نسب الناس له خطبًا وأشياء لا يصح صدورها منه. ومنها صحيفة تسمى: "الصحيفة الكاملة، أو زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت"٢.

ورأيي: أن ما ورد من أن الخليفة "أبو بكر" كان يمتلك صحيفة فيها حديث الرسول٣، هو خبر غير صحيح كذلك، ولو كانت لديه صحيفة، لما خفي أمرها عن الصحابة، فلم يحفظوها ولم ينقلوا عنها. وأما ما ورد من أمر صحيفة


١ الكافي للكليني "٨٥"، الإرشاد "٢٥٨"، أبو رية، أضواء على السُّنة المحمدية "٩٤ وما بعدها".
٢ بروكلمن "١/ ١٨٣".
٣ الذهبي، تذكرة الحفاظ "١/ ٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>