للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم وعدوه جدهم الخاص بهم، مع أنه جد العرب عامة كما في القرآن الكريم، ونفوا كل مشاركة للقحطانيين في هذا النسب الشريف. وقد كان لهم ما يساعدهم في تقوية حجتهم، فقد كان الرسول من صلب إسماعيل والرسول منهم، فإبراهيم هو أبو المختص بهم. ولرد دعوى الإسماعيليين هذه من اختصاص إسماعيل وإبراهيم بهم, وصل بعض رواتهم نسب قحطان بإسماعيل وإبراهيم، ولم يكتفوا بذلك فلا بد لهم من شرف زائد، ورجحان على العدنانيين الذين لم يبدأ ملكهم إلا في الإسلام، فاختصوا هودًا بهم، وجعلوه نبيا يمانيا. ثم لم يقبلوا بنبي واحد زيادة على الأنبياء الذين اختص بهم العدنانيون, فأضافوا إليهم صالحًا النبي وقالوا: إنه من صميم حمير وإنه صالح بن الهميع بن ذي ماذن نبي حمير من آل ذي رعين، وزعموا أن ثقيفا كان غلاما له١، وحصلوا بذلك على نبي وطعنوا في ثقيف، وهم من العدنانيين في الوقت نفسه، وأضافوا إليهم نبيا آخر من صميم حمير سموه أسعد تبع الكامل بن ملكي كرب بن تبع الأكبر بن تبع الأقرن، وقالوا: إنه ذو القرنين الذي قال الله تعالى فيه: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} ٢. وذكروا أنه كان من أعظم التبابعة وأفصح شعراء العرب؛ ولذلك قال بعض العلماء فيه: ذهب ملك تبع بشعره، ولولا ذلك لما قدم عليه شاعر من العرب وقالوا: نهى النبي عن سبه؛ لأنه آمن به قبل ظهوره بسبعمائة عام، وليس ذلك إلا بوحي من الله عز وجل, وهو أول من كسا البيت، وجعل له مفتاحا من ذهب. وأوردوا له أشعارا لإثبات إيمانه بالرسول تمنى فيها لو أدرك أيامه إذًا لآمن به، ولكان له وزيرا وابن عم، ولألزم طاعته كل من على الأرض من عرب وعجم، ورووا له أبياتا في البيت الحرام، وكيف كان يقصده فيمكث فيه تسعة أشهر، وكيف كان ينحر في العام سبعين ألفًا من البدن٣.

وزعموا فوق هذا كله أنه تنبأ بعودة ملك حمير حيث يظهر المهدي منهم، وهو رجل حميري سبئي الأبوين، يعيد الملك إلى حمير بالعدل، في هذه الأبيات التي رواها عُبيد بن شَرْيَةَ الجُرهمي:


١ منتخبات "ص٦٢".
٢ منتخبات "ص١٣".
٣ منتخبات "ص١٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>