للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يرووا ذلك عنه إلا وله أشياء كثيرة. وأكثر من هذا مدح الله إياه وتسميته الحكيم، وما أوصى به ابنه"١.

ويشبه قصص "لقمان" وما يضرب على لسانه من أمثال، قصص "أيسوب" عند الأوروبيين. وهو الباحث عن الحكمة عن طريق ضرب الأمثال وقول الألغاز والقصص٢. وقد رأى بعض الباحثين أن لأمثال لقمان وحكمه صلة بـ"أحيقار". وذهب بعض المستشرقين إلى وجود صلة بين لقمان وبين بعض الشخصيات القديمة التي يرد اسمها في الأدب القديم مثل Prometheus و Alkmaion و Lucian و"سليمان"، وبلعام.

وقد ضرب "أبو الطّمحان حنظلة بن الشرقي القيني" المثل بتشتت حي لقمان، وبتفوقهم أفراقًا إذ يقول:

أمست بنو القين أفراقًا موزعة ... كأنهم من بقايا حي لقمان٣

وقد اشتهر "سليمان" عند العرب بالحكمة أيضًا، فعرف عندهم بـ"سليمان الحكيم"، وقد أشير إليه في القرآن الكريم. وكان اليهود والنصارى هم نقلة أخبار هذه الحكمة إلى الوثنيين. وكان يهود المدينة مصدر هذه الأخبار بالدرجة الأولى، فقد كانوا بحكم اختلاطهم بأهل يثرب قد أذاعوا بينهم قصصًا إسرائيليًّا، ومنه قصص داود وسليمان.

و"سليمان" أحكم الحكماء عند اليهود. يذكرون "أن حكمته فاقت حكمة جميع العلماء في عصره. وكان أحكم من جميع الناس"٤. ويذكرون أنه ألّف الأمثال. ونطق بثلاثة آلاف مثل، وألف خمس نشائد٥. ووضع نشيد الأنشاد والجامعة. وذاعت حكمة سليمان وانتشر خبرها في كل الأنحاء بحيث أتى الناس من الأباعد ليشاهدوها وكانوا يمتحنونه بمسائل عسرة٦، في جملتهم ملكة سبأ


١ رسائل الجاحظ "١/ ١٧٩"، "فخر السودان على البيضان".
٢ Shorter Ency., p. ٢٩٠.
٣ البيان "١/ ٨٨٧ وما بعدها"، الخزانة "٣/ ٤٢٦".
٤ قاموس الكتاب المقدس "١/ ٥٧٩"، "سليمان".
٥ الملوك الأول، الإصحاح الرابع، الآية ٣٢.
٦ الأيام الثاني، الإصحاح التاسع، الآية ٦، قاموس الكتاب المقدس "١/ ٥٧٩"، "سليمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>