للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي سمعت بحكمته فجاءت تمتحنه كما جاء ذلك في التوراة.

وتقترن لفظة "مجلة" عادة بالحكمة. قال علماء العربية: "والمجلة، بفتح الميم، الصحيفة فيها الحكمة"١، وقد تتألف من "صحف". و"الصحيفة" الكتاب. وذكر علماء اللغة أن "الوضيعة: كتاب تكتب فيه الحكمة.. وفي الحديث أنه نبي وأن اسمه وصورته في الوضائع"٢.

وقد ذكر أهل الأخبار أن "قيس بن نشبة"، كان منجمًا متفلسفًا في الجاهلية. وهو ممن أدرك أيام الرسول٣. وذكر أنه من "بني سُلَيم"، وأنه كان يعرف الرومية والفارسية ويقول الشعر٤. وأنه جاء إلى الرسول "بعد الخندق فقال: إني رسول من ورائي من قومي، وهم لي مطيعون وإني سائلك عن مسائل لا يعلمها إلا من يُوحى إليه! فسأله عن السموات السبع وسكانها وما طعامهم وما شرابهم، فذكر له السموات السبع والملائكة وعبادتهم، وذكر له الأرض وما فيها فأسلم ورجع إلى قومه، فقال: يا بني سليم! قد سمعت ترجمة الروم وفارس وأشعار العرب والكهان ومقاول حمير، وما كلام محمد يشبه شيئًا من كلامهم فأطيعوني في محمد فإنكم أخواله فإن ظفر تنتفعوا به وتسعدوا وإن تكن الأخرى، فإن العرب لا تقدم عليكم. فقد دخلت عليه وقلبي عليه أقسى من الحجر، فما برحت حتى لان بكلامه. وقيل عنه: إنه كان يتأله في الجاهلية وينظر في الكتب، فجاء إلى الرسول لما سمع به، وسأله، فآمن به. ولعلمه سماه رسول الله: "حبر بني سُلَيم"، وكان إذا افتقده يقول: يا بني سُلَيم أين حبركم. وهو عم الشاعر العباس بن مرداس، أو ابن عمه. ولما أسلم قال هذه الأبيات:

تابعت دين محمد ورضيته ... كل الرضا لأمانتي ولديني

ذاك امرؤ نازعته قول العدا ... وعقدت فيه يمينه بيميني

قد كنت آمله وانظر دهره ... فالله قدر أنه يهديني

أعني ابن آمنة الأمين ومن به ... أرجو السلامة من عذاب الهون


١ تاج العروس "٧/ ٢٦١"، "جلل".
٢ تاج العروس "٥/ ٥٤٥"، "وضع".
٣ تاج العروس "٨/ ٩٥"، "كحل".
٤ البلدان "٢/ ٢٥٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>