للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أنه كان قد قدم مكة في الجاهلية فباع إبلًا له فلواه المشتري حقه، فكان يقوم فيقول:

يا آل فهر كنت في هذا الحرم ... في حرمة البيت وأخلاق الكرم

أظلم لا يمنع مني من ظلم

فسمع به عباس بن مرداس، فكتب إليه أبياتًا منها:

وائت البيوت وكن من أهلها وددًا ... تلق ابن حرب وتلق المرء عباسًا

فقام العباس بن عبد المطلب وأخذ له بحقه. وقال: أنا لك جار ما دخلت مكة، فكانت بينه وبين بني هاشم مودة١.

وذكر أن "أبا العاصي بن أمية بن عبد شمس"، كان حكيمًا. وقد عدّ من حكماء قريش وشعرائهم٢. كما ذكر أن "الحكم بن سعيد بن العاص بن أمية" الأموي، وكان من الكتّاب بمكة في الجاهلية، والذي علّم الكتابة بالمدينة بأمر الرسول، كان يعلم الحكمة٣. وذكر "ابن حبيب"، أن "الحكم بن سعيد" كان من أمراء الرسول "على قرى عربية"٤، وذكر أيضًا أن الرسول سمّاه "عبد الله وجعله يعلّم الحكمة"، وقد استشهد يوم مؤتة٥.

ويظهر أن الحكمة المنسوبة إلى "قيس بن نشبة"، أو إلى "الحكم بن سعيد" كانت نوعًا من العلوم التي يدرسها الفلاسفة والحكماء في ذلك الوقت، أي: علومًا يونانية، وتأملات وملاحظات عن هذا العالم، فهي دراسة منظمة تختلف في طرازها عن الحكمة القائمة على القصص وضرب الأمثال. وقد تكون قد أخذت من الكتب اليونانية أو السريانية، أو الفارسية، فقد رأينا أهل الأخبار يذكرون أن "قيس بن نشبة" كان يعرف الرومية والفارسية، كما ذكروا مثل ذلك عن النضر بن حارث بن كلدة وعن الأحناف، وأنا لا أستبعد احتمال ذلك؛ لأن


١ الإصابة "٣/ ٢٤٩ وما بعدها"، "رقم ٧٢٤٤".
٢ كتاب نسب قريش "٩٩"، المعارف "٧٣".
٣ الإصابة "١/ ٣٤٣ وما بعدها"، "رقم ١٧٧٧".
٤ المحبر "١٢٦".
٥ المحبر "٤٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>