للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عملت من الأتربة، أو من الأحجار والصخور، على شكل "سكر"، يمنع الماء من المرور، وبعضها عملت بصورة فنية متقنة من الحجر الموضوع بعضه فوق بعض، مع استخدام مواد ماسكة لشد الحجر بعضه إلى بعض، وقد يطلى السد بمادة تمنع الماء من اللعب به. وتعمل به منافذ ذات أبواب، تسد وتفتح حسب الحاجة للتحكم بالماء. وتلاحظ بقايا هذه السدود اليوم في وادي مبلقه، وفي وادي بيحان، وفي وادي حريب، وفي أودية أخرى عديدة.

أما أهل المواضع المرتفعة مثل الهضاب والجبال، فقد عمدوا إلى عمل حواجز وحوائط منخفضة، لمنع المطر من الانحدار، إذ تحصره هذه الحواجز، فيسيل إلى المزارع ليسقيها، وقد تعمل له مجار ليسيل الزائد منه والذي لا يحتاج إليه إلى أسفل، فلا يغرق الزرع. وقد يوجّه إلى كهوف وآبار محفورة وكهاريس، لتمتلئ بالماء، للاستفادة منه في مواسم انحباس الأمطار.

وتوجد في المعابد فوهات تدفع مياه الأمطار حين سقوطها إلى مجاري بنيت تحت الأرض تؤدي إلى صهاريج تخزن فيها مياه الأمطار. وقد عثرت بعثة "وندل فيلبس" الأميركية على مواضع خزن الماء في معبد مأرب المعروف في الكتابات بمعبد "اوم"، "اوام" المخصص لعبادة "المقه" إله سبأ الرئيس. ونجد مثل هذه المخازن في المعابد الأخرى أيضًا. وخزن الماء على هذه الطريقة، أسلوب متبع في فلسطين وفي المواضع الأخرى ذات الأرض الصلدة الحجرية، حيث تنقر الأرض وتعمل بها كهوف كبيرة تخزن فيها المياه١.

وقد تخصص قوم وتفرسوا بمعرفة مواطن المياه واستنباطها وساعدوا في حفر الآبار وفي حفر القني وإنشائها. وفي كتب اللغة ألفاظ أطلقت على الأدلاء الخبراء أصحاب العلم بمواضع وجود الماء في باطن الأرض، مثل جوّاب الفلاة، وذلك لأنه كان لا يحفر صخرة إلا أماهها، والقناقن، هو الدليل الهادي البصير بالماء تحت الأرض في حفر القني، والعيّاف، وقد تحدثت عنها وتطلق أيضًا على الدليل الذي يعرف موضع الماء من الأرض٢.

والماء في الأرضين الجافة القاحلة، نعمةكبرى وحياة لأهلها، فكانوا يفرحون


١ Archaeological Discoveries in South Arabia. P. ٢٢٦.
٢ المخصص "١٢/ ٣٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>